قوله تعالى :﴿ الم ﴾ اختلف فيه المفسرون على ثمانية أقاويل :
أحدها : أنه اسم من أسماء القرآن كالفرقان والذكر، وهو قوله قتادة وابن جريج ( ٨٨ ).
والثاني : أنه من أسماء السور، وهو قول زيد ابن أسلم.
والثالث : أنه اسم الله الأعظم، وهو قول السدي والشعبي.
والرابع : أنه قسم أقسم الله تعالى به، وهو من أسمائه، وبه قال ابن عباس وعكرمة.
والخامس : أنها حروف مقطعة من أسماء وأفعال، فالألف من أنا واللام من الله، والميم من أعلم، فكان معنى ذلك : أنا الله أعلم، وهذا قول ابن مسعود وسعيد بن جبير، ونحوه عن ابن عباس أيضاً.
والسادس : أنها حروف يشتمل كل حرف منها على معانٍ مختلفة، فالألف مفتاح اسمه الله، واللام مفتاح اسمه لطيف، والميم مفتاح اسمه مجيد، والألف آلاء الله، والميم مجدُه، والألِفُ سَنَةٌ، واللامُ ثلاثون سنة، والميم أربعون سنة، آجال قد ذكرها الله.
والسابع : أنها حروف من حساب الجمل، لما جاء في الخبر عن ( ٩١ ) عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس وجابر بن عبد الله، قال : مَرَّ أبو ياسر بن أخطب برسول الله ﷺ وهو يتلو فاتحة الكتاب وسورة البقرة :﴿ الم. ذلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ فأتى أخاه حُيَيَّ بْنَ أَخْطبَ في رجال من اليهود إلى رسول الله ﷺ فقالوا : يا محمد ألم تذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل اللهُ عليك :﴿ الم. ذلك الكِتَابُ ﴾ فقال رسول الله ﷺ :« بلى »، فقالوا :« أجاءك بها جبريل من عند الله ». قال :« نعم »، قالوا :« لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلم أنه بُيِّنَ لنبي منهم مدة ملكه وما أُكل أمته غيرك »، فقال حُيَيُّ بن أخطب وأقبل على من كان معه، فقال لهم :« الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة »، ثم أقبل على رسول الله ﷺ، ثم قال :« يا محمد هل كان مع هذا غيره » ؟، قال :« نعم »، قال :« ماذا » ؟ قال :« المص »، قال هذه أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذه إحدى وستون ومائة سنة، فهل مع هذا يا محمد غيره «، قال :» نعم «، قال :» ماذا « قال :» الر « قال :» هذه أثقل وأطول، الألف واحد، واللام ثلاثون، والراء مائتان، فهذه إحدى وثلاثون ومائتان سنةٍ، فهل مع هذا يا محمد غيره «، قال :» نعم « قال :» ماذا « ؟، قال :» المر «، قال هذه أثقل وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والراء مائتان، فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنة.. ، ثم قال :» لقد التبس علينا أمرك حتى ما ندري أقليلاً أعطيت أم كثيراً «، ثم قاموا عنه، فقال أبو ياسر لأخيه حُيَيَّ بن أخطبَ ولمن معه من الأحبار :» ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد إحدى وسبعون، وإحدى وستون ومائة، وإحدى وثلاثون ومائتان، وإحدى وسبعون ومائتان، فذلك سبعمائة سنة وأربع وثلاثون سنة «، قالوا :» لقد تشابه علينا أمره «. فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم :﴿ هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾.


الصفحة التالية
Icon