قوله تعالى :﴿ الر ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : معناه أنا الله أرى، قاله ابن عباس والضحاك. والثاني : هي حروف من اسم الله الذي هو الرحمن، قاله سعيد بن جبير والشعبي. وقال سالم بن عبد الله :﴿ الر ﴾ و ﴿ حمٌ ﴾ و ﴿ ن ﴾ للرحمن مقاطع.
الثالث : هو اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.
الرابع : أنها فواتح افتتح الله بها القرآن، قاله ابن جريج.
﴿ تِلْكَ ءَايَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ يعني بقوله ﴿ تِلْكَ ءَايَاتُ ﴾ أي هذه آيات، كما قال الأعشى :

تلك خَيْلِي مِنْهُ وتلكَ رِكَابِي هُنَّ صُفْرٌ أَوْلاَدُها كالزَّبِيبِ
أي هذه خيلي.
وفي ﴿ الكِتَابِ الْحِكيمِ ﴾ ها هنا ثلاثة أقاويل :
أحدها : التوراة والإنجيل، قاله مجاهد.
الثاني : الزبور، قاله مطر.
الثالث : القرآن، قاله قتادة.
وفي قوله ﴿ الحَكِيمِ ﴾ تأويلان :
أحدهما : أنه بمعنى محكم، قاله أبو عبيدة.
الثاني : أنه كالناطق بالحكمة، ذكره علي بن عيسى.
قوله تعالى :﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنآ إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ ﴾ قال ابن عباس : سبب نزولها أن الله تعالى لما بعث محمداً ﷺ رسولاً أنكر العرب ذلك أو من أنكر منهم فقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد، فنزلت هذه الآية.
وهذا لفظه لفظ الاستفهام ومعناه الإنكار والتعجب مَن كفر من كفر بالنبي ﷺ لأنه جاءهم رسول منهم، وقد أرسل الله إلى سائر الأمم رسلاً منهم.
ثم قال :﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَآمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِهِّم ﴾ فيه خمسة تأويلات :
أحدها : أن لهم ثواباً حسناً بما قدموا من صالح الأعمال، قاله ابن عباس.
الثاني : سابق صدق عند ربهم أي سبقت لهم السعادة في الذكر الأول، قاله ابن أبي طلحة عن ابن عباس أيضاً.
الثالث : أن لهم شفيع صدق يعني محمداً ﷺ يشفع لهم، قاله مقاتل بن حيان.
الرابع : أن لهم سلف صدق تقدموهم بالإيمان، قاله مجاهد وقتادة.
والخامس : أن لهم السابقة بإخلاص الطاعة، قال حسان بن ثابت :
لنا القدم العُلْيَا إليكَ خَلْفَنَا لأَوَّلنا في طَاعَةِ اللَّهِ تابعُ
ويحتمل سادساً : أن قدم الصدق أن يوافق الطاعة صدق الجزاء، ويكون القدم عبارة عن التقدم، والصدق عبارة عن الحق.


الصفحة التالية
Icon