قوله تعالى :﴿ ألم تَرَ كَيْفَ ضرب اللهُ مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ ﴾ في الكلمة الطيبة قولان :
أحدهما : أنها الإيمان، قاله مجاهد وابن جريج.
الثاني : أنه عنى بها المؤمن نفسه، قاله عطية العوفي والربيع بن أنس.
وفي الشجرة الطيبة قولان :
أحدهما : أنها النخلة، وروى ذلك عن النبي ﷺ عبد الله بن عمر وأنس بن مالك.
الثاني : أنها شجرة في الجنة، قاله ابن عباس.
وحكى ابن أبي طلحة عن ابن عباس أن الكلمة الطيبة : الإيمان، والشجرة الطيبة : المؤمن.
﴿ أصلها ثابت ﴾ يعني في الأرض.
﴿ وفرعها في السماء ﴾ أي نحو السماء.
﴿ تؤتي أكُلَها ﴾ يعني ثمرها.
﴿ كلَّ حين بإذن ربها ﴾ والحين عند أهل اللغة : الوقت. قال النابغة :
تناذرها الرّاقون من سُوءِ سُمِّها | تُطلِّقُه حيناً وحيناً تُراجع |
أحدها : يعني كل سنة، قاله مجاهد، لأنها تحمل كل سنة.
الثاني : كل ثمانية أشهر، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لأنها مدة الحمل ظاهراً وباطناً.
الثالث : كل ستة أشهر، قاله الحسن وعكرمة، لأنها مدة الحمل ظاهراً.
الرابع : كل أربعة أشهر، قاله سعيد بن المسيب لأنها مدة يرونها من طلعها إلى جذاذها.
الخامس : كل شهرين، لأنها مدة صلاحها إلى جفافها.
السادس : كل غدوة وعشية، لأنه وقت اجتنائها، قاله ابن عباس.
وفي قوله تعالى ﴿ في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾ وجهان :
أحدهما : أن المراد بالحياة الدنيا زمان حياته فيها، وبالآخرة المساءلة في القبر، قاله طاوس وقتادة.
الثاني : أن المراد بالحياة الدنيا المساءلة في القبر أن يأتيه منكر ونكير فيقولان له : من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول : إن اهتَدَى : ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد ﷺ.
﴿ ويضلُّ اللهُ الظالمين ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : عن حجتهم في قبورهم، كما ضلوا في الحياة الدنيا بكفرهم.
الثاني : يمهلهم حتى يزدادوا ضلالاً في الدنيا.
﴿ ويفعل الله ما يشاء ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : مِن إمهال وانتقام.
الثاني : من ضغطة القبر ومساءلة منكر ونكير.
وروى ابن إسحاق أن النبي ﷺ قال :« لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا منه سعد بن معاذ، ولقد ضم ضَمّةً
». وقال قتادة : ذكر لنا أنّ عذاب القبر من ثلاثة : ثلثٌ من البول. وثلثٌ من الغيبة، وثلثٌ من النميمة. وسبب نزول هذه الآية ما روي عن النبي ﷺ لما وصف مساءَلة منكر ونكير وما يكون من جواب الميت قال عمر : يا رسول الله أيكون معي عقلي : ؟ قال :« نعم » قال. كُفيت إذن، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى :﴿ ومثل كلمة خبيثة ﴾ فيها قولان : أحدهما : أنها الكفر.
الثاني : أنها الكافر نفسه.
﴿ كشجرة خبيثةٍ ﴾ فيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها شجرة الحنظل، قاله أنس بن مالك.
الثاني : أنها شجرة لم تخلف، قاله ابن عباس.
الثالث : أنها الكشوت.
﴿ اجتثت من فوق الأرض ﴾ أي اقتلعت من أصلها، ومنه قول لقيط :
هو الجلاء الذي يجتث أصلكم | فمن رأى مِثل ذا يوماً ومَنْ سمعا |
أحدهما : ما لها من أصل.
الثاني : ما لها من ثبات. وتشبيه الكلمة الخبيثة بهذه الشجرة التي ليس لها أصل يبقى، ولا ثمر يجتنى أن الكافر ليس له عمل في الأرض يبقى، ولا ذكر في السماء يرقى.