قوله تعالى :﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ﴾ يعني في الدنيا بالانتقام لأنه يمهلهم في الأغلب من أحوالهم.
﴿ ما ترك عليها من دابّةٍ ﴾ يعني بهلاكهم بعذاب الاستئصال من أخذه لهم بظلمهم. ﴿ ولكن يؤخرهم إلى أجلٍ مسمى ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إلى يوم القيامة.
الثاني : تعجيله في الدنيا. فإن قيل : فكيف يعمهم بالهلاك مع أن فيهم مؤمناً ليس بظالم؟ فعن ذلك ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه يجعل هلاك الظالم انتقاماً وجزاء، وهلاك المؤمن معوضاً بثواب الآخرة.
الثاني : ما ترك عليها من دابة من أهل الظلم.
الثالث : يعني أنه لو أهلك الآباء بالكفر لم يكن الأبناء ولا نقطع النسل فلم يولد مؤمن.
قوله تعالى :﴿ ويجعلون لله ما يكرهون ﴾ يعني من البنات. ﴿ وتصف ألسنتهم الكذب أنّ لهم الحُسنَى ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن لهم البنين مع جعلهم لله ما يكرهون من البنات، قاله مجاهد.
الثاني : معناه أن لهم من الله الجزاء الحسن، قاله الزجاج. ﴿ لا جرم أن لهم النار ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدهما : معناه حقاً أن لهم النار. الثاني : معناه قطعاً أن لهم النار.
الثالث : اقتضى فعلهم أن لهم النار.
الرابع : معناه بلى إن لهم النار، قاله ابن عباس.
﴿ وأنهم مفرطون ﴾ فيه خمسة تأويلات :
أحدها : معناه منسيون، قاله مجاهد.
الثاني : مضيّعون، قاله الحسن.
الثالث : مبعدون في النار، قاله سعيد بن جبير.
الرابع : متروكون في النار، قاله الضحاك.
الخامس : مقدَّمون إلى النار، قاله قتادة. ومنه قول النبي ﷺ :« أنا فَرَطكم على الحوض » أي متقدمكم، وقال القطامي :
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا | كما تعجّل فرّاطٌ لوُرّادِ |
وقرأ نافع ﴿ مُفْرِطون ﴾ بكسر الراء وتخفيفها، ومعناه مسرفون في الذنوب، من الإفراط فيها.
وقرأ الباقون من السبعة ﴿ مفرطون ﴾ أي معجلون إلى النار متروكون فيها.
وقرأ أبو جعفر القارىء ﴿ مفَرِّطون ﴾ بكسر الراء وتشديدها، ومعناه من التفريط في الواجب.