قوله تعالى :﴿ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً ﴾ أما الكهف فهو غار في الجبل الذي أوى إليه القوم. وأما الرقيم ففيه سبعة أقاويل :
أحدها : أنه اسم القرية التي كانوا منها، قاله ابن عباس. الثاني : أنه اسم الجبل، قاله الحسن.
الثالث : أنه اسم الوادي، قاله الضحاك. قال عطية العوفي : هو واد بالشام نحو إبلة وقد روي أن اسم جبل الكهف بناجلوس، واسم الكهف ميرم واسم المدينة أفسوس، واسم الملك وفيانوس.
الرابع : أنه اسم كلبهم. قاله سعيد بن جبير، وقيل هو اسم لكل كهف.
الخامس : أن الرقيم الكتاب الذي كتب فيه شأنهم، قاله مجاهد. ماخوذ من الرقم في الثوب. وقيل كان الكتاب لوحاً من رصاص على باب الكهف، وقيل في خزائن الملوك لعجيب أمرهم.
السادس : الرقيم الدواة بالرومية، قاله أبو صالح.
السابع : أن الرقيم قوم من أهل الشراة كانت حالهم مثل حال أصحاب الكهف، قاله سعيد بن جبير.
﴿ كانوا مِنْ آياتنا عجباً ﴾ فيه وجهان : أحدهما : معناه ما حسبت أنهم كانوا من آياتنا عجباً لولا أن أخبرناك وأوحينا إليك.
الثاني : معناه أحسبت أنهم أعجب آياتنا وليسوا بأعجب خلقنا، قاله مجاهد. قوله تعالى :﴿ إذ أوى الفتية إلى الكهف ﴾ اختلف في سبب إيوائهم إليه على قولين :
أحدهما : أنهم قوم هربوا بدينهم إلى الكهف، قاله الحسن. ﴿ فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من أمرِنا رشداً ﴾.
الثاني : أنهم أبناء عظماء وأشراف خرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد، فقال أسَنُّهم : إني أجد في نفسي شيئاً ما أظن أحداً يجده، إن ربي رب السموات والأرض، ﴿ فقالوا ﴾ جميعاً ﴿ ربُّنا ربُّ السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً لقد قلنا إذاً شَطَطَاً ﴾ ثم دخلوا الكهف فلبثوا فيه ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعاً، قاله مجاهد.
قال ابن قتيبة : هم أبناء الروم دخلوا الكهف قبل عيسى، وضرب الله تعالى على آذنهم فيه، فلما بعث الله عيسى أخبر بخبرهم، ثم بعثهم الله تعالى بعد عيسى في الفترة التي بينه وبين النبي ﷺ. وفي ﴿ شططاً ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : كذباً، قاله قتادة.
الثاني : غلوّاً، قاله الأخفش.
الثالث : جوراً، قاله الضحاك.
قوله تعالى :﴿ فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً ﴾ والضرب على الآذان هو المنع من الاستماع، فدل بهذا على أنهم لم يموتوا وكانوا نياماً، ﴿ سنين عدداً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إحصاء.
الثاني : سنين كاملة ليس فيها شهور ولا أيام.
وإنما ضرب الله تعالى على آذانهم وإن لم يكن ذلك من أسباب النوم لئلا يسمعوا ما يوقظهم من نومهم.
قوله تعالى :﴿ ثم بعثناهم ﴾ الآية. يعني بالعبث إيقاظهم من رقدتهم. ﴿ لنِعلَم ﴾ أي لننظر ﴿ أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : عدداً، قاله مجاهد.
الثاني : أجلاً، قاله مقاتل.
الثالث : الغاية، قاله قطرب.
وفي الحزبين أربعة أقاويل :
أحدها : أن الحزبين هما المختلفان في أمرهم من قوم الفتية، قاله مجاهد. الثاني : أن أحد الحزبين الفتية،
والثاني : من حضرهم من أهل ذلك الزمان. الثالث : أن أحد الحزبين مؤمنون، والآخر كفار.
الرابع : أن أحد الحزبين الله تعالى، والآخر الخلق، وتقديره : أنتم أعلم أم الله.