قوله تعالى :﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ ذكر الله تعالى الفيء في سورة الحشر والغنيمة في هذه السورة.
واختلفوا في الفيء والغنيمة على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الغنيمة ما ظهر عليه من أموال المشركين والفيء ما ظهر عليه من الأرض، قاله عطاء بن السائب.
والثاني : أن الغنيمة ما أخذ عنوة، والفيء ما أخذ عن صلح، قاله الشافعي وسفيان الثوري.
والثالث : أن الفيء والغنيمة سواء وهو كل مال أخذ من المشركين، وآية الفيء التي هي في سور الحشر منسوخة بآية الغنيمة التي في سورة الأنفال، قاله قتادة.
وقوله تعالى ﴿ مِّن شَيْءٍ ﴾ يريد جميع ما وقع عليه اسم شيء مباح حواه المسلمون من أموال المشركين.
﴿ فإن لِلَه خُمُسَهُ ﴾
أحدهما : أنه استفتاح كلام، فلله الدنيا والآخرة وما فيهما، ومعنى الكلام فأن للرسول خمسه، قاله الحسن وعطاء وقتادة وإبراهيم والشافعي، وروى نهشل عن الضحاك عن ابن عباس قال : كان رسول الله ﷺ إذا بعث سرّية فغنموا خمّس الغنيمة فصرف ذلك الخمس في خمسة ثم قرأ ﴿ وَاعلَمُواْ أَنَّمَا مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ﴾ وإنما قوله ﴿ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسهُ ﴾ مفتاح كلام، ولله ما في السموات وما في الأرض فجعل سهم الله وسهم الرسول واحد.
والثاني : أن سهم الله مستحق لبيته، ومعناه فإن لبيت الله خمسه وللرسول وقد روى الربيع بن أنس عن أبي العالية الرياحي قال : كان رسول الله ﷺ يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة تكون أربعة أخماس لمن شهدها، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه فيأخذ منه الذي قبض كفه فيجعله للكعبة وهو سهم الله ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم فيكون سهم للرسول، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل.
وقوله تعالى ﴿ وَلِلرَّسُولِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه مفتاح كلام اقترن بذكر الله وليس للرسول من ذلك شيء كما لم يكن لله من ذلك شيء، وأن الخمس مقسوم على أربعة أسهم، وهذا قول ابن عباس من رواية علي بن أبي طلحة.
والثاني : أن ذلك للرسول وهو قول الجمهور.
واختلفوا في سهم رسول الله ﷺ بعده على خمسة أقاويل :
أحدها : أنه للخليفة بعده، قاله قتادة.
والثاني : أنه لقرابة النبي ﷺ إرثاً، وهذا قول من جعل النبي موروثاً.
والثالث : أن سهم الرسول ﷺ مردود على السهام الباقية ويقسم الخمس على أربعة.
والرابع : أنه مصروف في مصالح المسلمين العامة، قاله الشافعي. والخامس : أن ذلك مصروف في الكراع والسلاح، وروي أن ذلك فعل أبي بكر وعمر، رواه النخعي.


الصفحة التالية
Icon