« لَعَنَ اللَّهُ النَّاظِرَ وَالمَنْظُورَ إِلَيهِ
»
. فأما ما سوى الفرجين منهما فيجوز لكل واحدٍ منهما أن يتعمد النظر إليه من صاحبه وكذلك الأمة مع سيدها.
﴿ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ ﴾ إلى قوله :﴿ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ ﴾ وهؤلاء كلهم ذوو محارم بما ذكر من الأسباب والأنساب يجوز أبداً نظر الزينة الباطنة لهم من غير استدعاء لشهوتهم، ويجوز تعمد النظر من غير تلذذ.
والذي يلزم الحرة أن تستر من بدنها مع ذوي محارمها ما بين سرتها وركبتها، وكذلك يلزم مع النساء كلهن أو يستتر بعضهن من بعض ما بين السرة والركبة وهو معنى قوله :
﴿ أو نِسَآئِهِنَّ ﴾ وفيهن وجهان
: أحدهما : أنهن المسلمات لا يجوز لمسلمة أن تكشف جسدها عند كافرة، قاله الكلبي.
والثاني : أنه عام في جميع النساء.
ثم قاله تعالى :﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾ يعني عبيدهن، فلا يحل للحرة عبدها، وإن حل للرجل أمته، لأن البضع إنما يستحقه مالكه، وبضع الحرة لا يكون ملكاً لعبدها، وبضع الأمة ملك لسيدها.
واختلف أصحابنا في تحريم ما بطن من زينة الحرة على عبدها، على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها تحل ولا تحرم، وتكون عورتها معه كعورتها مع ذوي محرمها، ما بين السرة والركبة لتحريمه عليها ولاستثناء الله تعالى له مع استثنائه من ذوي محرمها وهو مروي عن عائشة وأم سلمة.
والثاني : أنها تحرم ولا تحل وتكون عورتها معه كعورتها مع الرجال والأجانب وهو ما عدا الزينة الظاهرة من جميع البدن إلا الوجه والكفين، وتأول قائل هذا الوجه قوله تعالى :﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾ على الإِماء دون العبيد، وتأوله كذلك سعيد بن المسيب، وعطاء، ومجاهد.
والثالث : أنه يجوز أن ينظر إليها فضلاء، كما تكون المرأة في ثياب بيتها بارزة الذراعين والساقين والعنق اعتباراً بالعرف والعادة، ورفعاً لما سبق، وهو قول عبد الله بن عباس، وأما غير عبدها فكالحر معها، وإن كان عبداً لزوجها وأمها.
ثم قال تعالى :﴿ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَة مِنَ الرِّجَالِ ﴾ فيه ثمانية أوجه :
أحدها : أنه الصغير لأنه لا إرب له في النساء لصغره، وهذا قول ابن زيد.
والثاني : أنه العنين لأنه لا إرب له في النساء لعجزه، وهذا قول عكرمة، والشبعي.
والثالث : أنه الأبله المعتوه لأنه لا إرب له في النساء لجهالته، وهذا قول سعيد بن جبير، وعطاء.
والرابع : أنه المجبوب لفقد إربه، وهذا قول مأثور.
والخامس : أنه الشيخ الهرم لذهاب إربه، وهذا قول يزيد بن حبيب.
والسادس : أنه الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرجل، وهذا قول قتادة.
والسابع : أنه المستطعم الذي لا يهمه إلا بطنه، وهذا قول مجاهد.
والثامن : أنه تابع القوم يخدمهم بطعام بطنه، فهو مصروف لا لشهوة، وهو قول الحسن.
وفيما أخذت منه الإربة قولان :
أحدها : أنها مأخوذة من العقل من قولهم رجل أريب إذا كان عاقلاً.


الصفحة التالية
Icon