﴿ مُّبَارَكَةٍ ﴾ في جعلها مباركة وجهان
: أحدهما : لأن الله بارك في زيتون الشام فهو أبرك من غيره.
الثاني : لأن الزيتون يورق غصنه من أوله إلى آخره وليس له في الشجر مثيل إلا الرمان.
قال الشاعر :
بُورِكَ الْمَيْتُ الغَرِيبُ كَمَا بُو | رِكَ نَضْرُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ |
: أحدها : أنها ليست من شجرة الشرق دون الغرب ولا من شجرة الغرب دون الشرق لأن ما اختص بأحد الجهتين أقل زيتاً وأضعف، ولكنها شجر ما بين الشرق والغرب كالشام لاجتماع القوتين فيه، وهو قول ابن شجرة وحكي عن عكرمة.
ومنه قولهم : لا خير في المتقاة والمضحاة، فالمتقاة أسفل الوادي الذي لا تصيبه الشمس، والمضحاة رأس الجبل الذي لا تزول عنه الشمس.
الثاني : أنها ليست بشرقية تستر عن الشمس في وقت الغروب ولا بغربية تستر عن الشمس وقت الطلوع بل هي بارزة للشمس من وقت الطلوع إلى وقت الغروب فيكون زيتها أقوى وأضوأ، قاله قتادة.
الثالث : أنها وسط الشجرة لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك أضوأ لزيتها، قاله عطية.
الرابع : أنها ليس في شجر الشرق ولا في شجر الغرب مثلها، حكاه يحيى ابن سلام.
الخامس : أنها ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية أو غربية، وإنما هي من شجر الجنة، قاله الحسن.
السادس : أنها مؤمنة لا شرقية ولا غربية، أي ليست بنصرانية تصلي إلى الشرق، ولا غربية أي ليست بيهودية تصلي إلى الغرب، قاله ابن عمر.
السابع : أن الإِيمان ليس بشديد ولا لين لأن في أهل الشرق شدة، وفي أهل الغرب لينٌ.
﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ فيه أربعة أقاويل
: أحدها : أن صفاء زيتها كضوء النار وإن لم تمسسه نار، ذكره ابن عيسى.
الثاني : أن قلب المؤمن يكاد أن يعرف قبل أن يتبين له لموافقته له، قاله يحيى بن سلام.
الثالث : يكاد العلم يفيض من فم العالم المؤمن من قبل أن يتكلم به.
الرابع : تكاد أعلام النبوة تشهد لرسول الله ﷺ قبل أن يدعو إليها.
﴿ نُّورٌ عَلَى نُورٍ ﴾ فيه ستة أقاويل
: أحدها : يعني ضوء النار على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة، قاله مجاهد.
الثاني : نور النبوة على نور الحكمة، قاله الضحاك.
الثالث : نور الزجاجة على نور الخوف.
الرابع : نور الإِيمان على نور العمل.
الخامس : نور المؤمن فهو حجة الله، يتلوه مؤمن فهو حجة الله حتى لا تخلو الأرض منهم.
السادس : نور نبي من نسل نبي، قاله السدي.
﴿ يَهْدِي لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل
: أحدها : يهدي الله لدينه من يشاء من أوليائه، قاله السدي.
الثاني : يهدي الله لدلائل هدايته من يشاء من أهل طاعته.
الثالث : يهدي الله لنبوته من يشاء من عباده.
﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ﴾ الآية. وفيما ضربت هذه الآية مثلاً فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها مثل ضربه الله للمؤمن في وضوح الحق له.
الثاني : أنها مثل ضربه الله لطاعته فسى الطاعة نوراً لتجاوزها عن محلها.
الثالث : ما حكاه ابن عباس أن اليهود قالوا : يا محمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله ذلك مثلاً لنوره.