القول الثاني : أنه بعض جنود سليمان من الجن والإِنس، والعلم الذي عنده من الكتاب هو كتاب سليمان الذي كتبه إلى بلقيس وعلم أن الريح مسخرة لسليمان وأن الملائكة تعينه فتوثق بذلك قبل أن يأتيه بالعرش قبل أن يرتد إليه طرفه.
والقول الثالث : أنه سليمان قال ذلك للعفريت.
والقول الرابع : أنه قول غيره من الإنس، وفيه خمسة أقاويل :
أحدها : أنه مليخا، قاله قتادة.
الثاني : أنه أسطوم، قاله مجاهد.
الثالث : أنه آصف بن برخيا وكان صدّيقاً، قاله ابن رومان.
الرابع : أنه ذو النور بمصر، قاله زهير.
الخامس : أنه الخضر، قاله ابن لهيعة.
و ﴿ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ ﴾ هو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب.
﴿ أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ ﴾ يعني بالعرش
. ﴿ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ﴾ فيه ستة أوجه
: أحدها : قبل أن يأتيك أقصى من تنظر إليه، قاله ابن جبير.
الثاني : قبل أن يعود طرفك إلى مد بصرك، قاله ابن عباس، ومجاهد.
الثالث : قبل أن يعود طرفك إلى مجلسك، قاله إدريس.
الرابع : قبل الوقت الذي تنظر وروده فيه من قولهم : أنا ممد الطرف إليك أي منتظر لك، قاله ابن بحر.
الخامس : قبل أن يرجع طرف رجائك خائباً لأن الرجاء يمد الطرف والإياس يقصر الطرف.
السادس : قبل أن ينقص طرفك بالموت، أخبره أنه سيأتيه قبل موته.
﴿ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِراً عِندَهُ ﴾ قبل أن يرتد طرفه لأن الذي عنده علم عن الكتاب دعا باسم الله الأعظم وعاد طرف سليمان إليه فإذا العرش بين يديه.
قال عبد الرحمن بن زيد : لم يعلم سليمان ذلك الاسم وقد أُعطي ما أُعطي.
قال السدي : فجزع سليمان وقال : غيري أقدر على ما عند الله مني، ثم استرجع. ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلُ رَبِّي ﴾ يعني وصول العرش إليّ قبل أن يرتد إليَّ طرفي
. ﴿ لِيَبْلُوَنِّي ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ﴾ قال زهير : أأشكر على العرش إذ أوتيته في سرعة أم أكفر فلا أشكر إذ رأيت من هو أعلم مني في الدنيا.
قال زهير : ثم عزم الله له على الشكر فقال :﴿ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرْ لِنَفْسِهِ ﴾ لأن الشكر تأدية حق واستدعاء مزيد.
﴿ وَمَن كَفَرَ فِإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ ﴾ عن الشكر ﴿ كَرِيمٌ ﴾ في التفضل، وهذه معجزة لسليمان أجراها الله على يد من اختصه من أوليائه.
وكان العرش باليمن وسليمان بالشام فقيل : ان الله حرك به الأرض حتى صار بين يديه.