قوله تعالى :﴿ وَإذْ تَقُولُ لِلَّذِيّ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾ قال قتادة والسدي وسفيان هو زيد بن حارثة وفيه وجهان :
أحدهما : أنعم الله عليه لمحبة رسوله وأنعم الرسول عليه بالتبني.
الثاني : أنعم الله عليه بالإسلام وأنعم عليه الرسول ﷺ بالعتق.
﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ﴾ يعني زينب بنت جحش، قاله الكلبي، أتى النبي ﷺ منزل زيد زائراً فأبصرها قائمة فأعجبته فقال :« سُبْحَانَ مُقَلّبَ القُلُوبِ » فلما سمعت زينب منه ذلك جلست قال أبو بكر بن زياد : وجاء زيد إلى قوله فذكرت له ذلك فعرف أنها وقعت في نفسه فأتى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله ائذن لي في طلاقها فإن فيها كِبْراً وإنها لتؤذيني بلسانها فقال له رسول الله ﷺ « اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ » وفي قلبه ﷺ غير ذلك.
﴿ وَتُخْفي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ﴾ فيه أربعة أقاويل
: أحدها : أن الذي أخفاه في نفسه ميله إليها.
الثاني : إشارة لطلاقها، قاله ابن جريج.
الثالث : أخفى في نفسه إن طلقها زيد تزوجها.
الرابع : أن الذي أخفاه في نفسه أن الله أعلمه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها، قاله الحسن.
﴿ وَتَخْشى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : أن نبي الله خشي قالة الناس، قاله قتادة.
الثاني : أنه خشي أن يبديه للناس فأيّد الله سره، قاله مقاتل بن حيان.
قال الحسن : ما نزلت على النبي ﷺ آية أشد عليه منها.
وقال عمر بن الخطاب : لو كتم رسول الله ﷺ شيئاً من القرآن لكتم هذه الآية التي أظهرت غيبه.
﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا ﴾ الوطر الأرب المنتهي وفيه هنا قولان
: أحدهما : أنه الحاجة، قاله مقاتل.
الثاني : أنه الطلاق، قاله قتادة.
قال يحيى بن سلام : فدعا رسول الله ﷺ زيد فقال له « ائْتِ زَينبَ فَأَخْبِرْهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ زَوَّجْنِيهَا » فانطلق زيد فاستفتح الباب فقالت من هذا؟ فقال : زيد قالت : وما حاجة زيد إليّ وقد طلقني؟ فقال إن رسول الله ﷺ أرسلني إليك فقالت : مرحباً برسول الله ﷺ ففتحت له فدخل عليها وهي تبكي فقال زيد : لا أبْكَى الله لَكِ عيناً قد كنت نعمت المرأة إن كنت لتبرين قسمي وتطيعين أمر الله وتشبعين مسرتي فقد أبدلك الله خيراً مني فقالت : من لا أبا لك؟ قال : رسول الله ﷺ فخرت ساجدة لله تعالى قال الضحاك : فتزوجها رسول الله ﷺ وكان يومئذ في عسرة فأصدقها قِرْبَةً وعَبَاءَةً ورحى اليد ووسادة حَشْوُهَا ليف وكانت الوليمة تمراً وسُوَيقاً. قال أنس فجاء رسول الله ﷺ حتى دخل عليها بغير إذن. قال قتادة : فكانت تفخر على نساء النبي ﷺ تقول أنتن زوجكن آباؤكن وأما أنا فزوجني ربُّ العرش تبارك وتعالى.


الصفحة التالية
Icon