قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا سُليمان ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني ابتليناه قاله السدي.
الثاني : عاقبناه، حكاه النقاش.
وفي فتنته التي عوقب بها ستة أقاويل :
أحدهما : أنه كان قارب بعض نسائه في بعض الشيء من حيض أو غيره قاله الحسن.
الثاني : ما حكاه ابن عباس قال كانت لسليمان امرأة تسمى جرادة وكان بين أهلها وبين قوم خصومة فاختصموا إلى سليمان ففصل بينهم بالحق ولكنه ود أن الحق كان لأهلها فقيل له إنه سيصيبك بلاء فجعل لا يدري أمن الأرض يأتيه البلاء أم من السماء.
الثالث : ما حكاه سعيد بن المسيب أن سليمان احتجب عن الناس ثلاثة أيام لا يقضي بين أحد ولم ينصف مظلوماً من ظالم فأوحى الله تعالى إليه إني لم أستخلفك لتحجب عن عبادي ولكن لتقضي بينهم وتنصف مظلومهم.
الرابع : ما حكاه شهر بن حوشب أن سليمان سبى بنت ملك غزان في جزيرة من جزائر البحر يقال لها صيدون، فألقيت عليه محبتها وهي معرضة عنه تذكر أمر أبيها لا تنظر إليه إلا شزراً ولا تكلمه إلا نزراً، ثم إنها سألته أن يضع لها تمثالاً على صورته فصنع لها فعظمته وسجدت له وسجد جواريها معها، وصار صنماً معبوداً في داره وهو لا يعلم به حتى مضت أربعون يوماً وفشا خبره في بني إسرائيل وعلم به سليمان فكسره وحرقه ثم ذراه في الريح.
الخامس : ما حكاه مجاهد أن سليمان قال لآصف الشيطان كيف تضلون الناس؟ فقال له الشيطان أعطني خاتمك حتى أخبرك، فأعطاه خاتمه فألقاه في البحر حتى ذهب ملكه.
السادس : ما حكاه أبان عن أنس أن سليمان قال ذات ليلة : والله لأطوفن على نسائي في هذه الليلة وهن ألف امرأة كلهن تشتمل بغلام، كلهم يقاتل في سبيل الله، ولم يستثن. قال أنس سمعت رسول الله ﷺ يقول :« والذي نفس محمد بيده لو استثنى لكان ما قال » فما حملت له تلك الليلة إلا امرأة واحدة فولدت له شق إنسان.
﴿ وألقينا على كُرْسيِّه جسداً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : معناه وجعلنا في ملكه جسداً، والكرسي هو الملك.
الثاني : وألقينا على سرير ملكه جسداً.
وفي هذا الجسد أربعة أقاويل :
أحدها : أنه جسد سليمان مرض فكان جسده ملقى على كرسيه، قاله ابن بحر.
الثاني : أنه ولد له ولد فخاف عليه فأودعه في السحاب يغذى في اليوم كالجمعة، وفي الجمعة كالشهر وفي الشهر كالسنة، فلم يشعر إلا وقد وقع على كرسيه ميتاً، قاله الشعبي.
الثالث : أنه أكثر من وطء جواريه طلباً للولد، فولد له نصف إنسان، فهو كان الجسد الملقى على كرسيه، حكاه النقاش.
الرابع : أن الله كان قد جعل ملك سليمان في خاتمه فكان إذا أجنب أو ذهب للغائط خلعه من يده ودفعه إلى أوثق نسائه حتى يعود فيأخذه، فدفعه مرة إلى بعض نسائه وذهب لحاجته فجاء شيطان فتصور لها في صورة سليمان فطلب الخاتم منها فأعطته إياه، وجاء سليمان بعده فطلبه، فقالت قد أخذته فأحس سليمان.