واختلف في اسم امرأته هذه على قولين :
أحدهما : جرادة، قاله ابن عباس وابن جبير.
الثاني : الأمينة، قاله شهر بن حوشب.
وقال سعيد بن المسيب : كان سليمان قد وضع خاتمه تحت فراشه فأخذه الشيطان من تحته. وقال مجاهد : بل أخذه الشيطان من يده لأن سليمان سأل الشيطان كيف تضل الناس؟ فقال الشيطان : أعطني خاتمك حتى أخبرك فأعطاه خاتمه، فلما أخذ الشيطان الخاتم جلس على كرسي سليمان متشبهاً بصورته داخلاً على نسائه، يقضي بغير الحق ويأمر بغير صواب. واختلف في إصابته النساء، فحكي عن ابن عباس : أنه كان يأتيهن في حيضهن. وقال مجاهد : منع من إتيانهن، وزال عن سليمان ملكه فخرج هارباً إلى ساحل البحر يتضيف الناس ويحمل سموك الصيادين بالأجرة، وإذا أخبر الناس أنه سليمان أكذبوه، فجلس الشيطان على سريره، وهو معنى قوله تعالى وألقينا على كرسيه جسداً.
واختلف في اسم هذا الشيطان على أربعة أقاويل :
أحدها : أن اسمه صخر، قاله ابن عباس.
الثاني : آصف، قاله مجاهد.
الثالث : حقيق، قاله السدي.
الرابع : سيد، قاله قتادة.
ثم إن سليمان بعد أن استنكر بنو إسرائيل حكم الشيطان أخذ حوته من صياد قيل إنه استطعمها، وقال ابن عباس أخذها أجراً في حمل حوت حمله، فلما شق بطنه وجد خاتمه فيها، وذكل بعد أربعين يوماً من زوال ملكه عنه، وهي عدة الأيام التي عُبد الصنم في داره. قاله مقاتل وملك أربعين سنة، عشرين سنة قبل الفتنة وعشرين بعدها. وكانت الأربعون يوماً التي خرج فيها عن ملكه ذا القعدة وعشراً من ذي الحجة، فسجد الناس له حين عاد الخاتم إليه وصار إلى ملكه.
وحكى يحيى بن أبي عمرو الشيباني أن سليمان وجد خاتمه بعسقلان فمشى منها إلى بيت المقدس تواضعاً لله.
قال ابن عباس : ثم إن سليمان ظفر بالشيطان فجعله في تخت من رخام وشده بالنحاس وألقاه في البحر. فهذا تفسير قوله تعالى ﴿ وألقينا على كرسيه جسداً ﴾.
﴿ ثم أناب ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : ثم رجع إلى ملكه، قاله الضحاك.
الثاني : ثم أناب من ذنبه، قاله قتادة.
الثالث : ثم برأ من مرضه، قاله ابن بحر.
قوله تعالى :﴿ قال ربِّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ليكون ذلك معجزاً له يعلم به الرضا ويستدل به على قبول التوبة.
الثاني : ليقوى به على من عصاه من الجن، فسخرت له الريح حينئذٍ.
الثالث : لا ينبغي لأحد من بعدي في حياتي أن ينزعه مني كالجسد الذي جلس على كرسيه، قاله الحسن.