وهو معنى قول سعيد بن جبير.
الرابع : ما رواه يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك. قال : قال رسول الله ﷺ :« مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلا وله في السماء بابان، باب ينزل منه رزقه، وباب يدخل منه كلامه وعمله، فإذا مات فقداه فبكيا عليه » ثم تلا هذه الآية.
وفي بكاء السماء والأرض ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه كالمعروف من بكاء الحيوان ويشبه أن يكون قول مجاهد.
الثاني : أنه حمرة أطرافها، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعطاء.
وحكى جرير عن يزيد بن أبي زياد قال : لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما احمر له آفاق السماء أربعة أشهر، واحمرارها بكاؤها.
الثالث : أنها أمارة تظهر منها تدل على حزن وأسف. كقول الشاعر :
والشمس طالعة ليست بكاسفة | تبكي عليك نجوم الليل والقمرا |
أحدهما : مؤخرين بالغرق، قاله الكلبي.
الثاني : لم ينظروا بعد الآيات التسع حتى أغرقوا، قاله مقاتل.
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ ﴾ معناه على علم منا بهم. وفي اختياره لهم ثلاثة أوجه :
أحدها : باصطفائهم لرسالته، والدعاء إلى طاعته.
الثاني : باختيارهم لدينه وتصديق رسله.
الثالث : بإنجائهم من فرعون وقومه.
وفي قوله :﴿ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ قولان :
أحدهما : على عالمي زمانهم، لأن لكل زمان عالماً، قاله قتادة.
الثاني : على كل العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء. وهذا خاصة لهم وليس لغيرهم، حكاه ابن عيسى.
قوله تعالى :﴿ وءَاتَيْنَاهُمْ مِّنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلآءٌ مُّبِينٌ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه أنجاهم من عدوهم وفلق البحر لهم وظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى، قاله قتادة. ويكون هذا الخطاب متوجهاً إلى بني إسرائيل.
الثاني : أنها العصا ويده البيضاء، ويشبه أن يكون قول الفراء. ويكون الخطاب متوجهاً إلى قوم فرعون.
الثالث : أنه الشر الذي كفهم عنه والخير الذي أمرهم به، قاله عبد الرحمن بن زيد. ويكون الخطاب متوجهاً إلى الفريقين معاً من قوم فرعون وبني إسرائيل.
وفي قوله ﴿ مَا فِيهِ بَلآءٌ مُّبِينٌ ﴾ ثلاثة تأويلات :
أحدها : نعمة ظاهرة، قاله الحسن وقتادة كما قال تعالى ﴿ وَليُبْلَي الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلآءً حَسَناً ﴾ وقال زهير :
فأبلاه خير البلاء الذي يبلو... الثاني : عذاب شديد، قاله الفراء.
الثالث : اختيار بيِّن يتميز به المؤمن من الكافر، قاله عبد الرحمن بن زيد.