قوله تعالى :﴿ فَإذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ فيهم هنا قولان :
أحدهما : أنهم عبدة الأوثان، قاله ابن عباس.
الثاني : كل من خالف دين الإسلام من مشرك أو كتابي إذا لم يكن صاحب عهد ولا ذمة.
وفي قوله :﴿ فَضَرْبَ الرِّقَابِ ﴾ وجهان :
أحدهما : ضرب أعناقهم صبراً عند القدرة عليهم.
الثاني : أنه قتلهم بالسلاح واليدين، قاله السدي.
﴿ حَتَّى إِذَآ أَثخَنُتُموهُمْ فَشُدُّواْ الْوَثَاقَ ﴾ يعني بالإثخان الظفر، وبشد الوثاق الأسر.
﴿ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً ﴾ في المَنِّ هنا قولان : أحدهما : أنه العفو والإطلاق كما من رسول الله صلى الله عليه على ثمامة بن أثال بعد أسره.
الثاني : أنه العتق، قاله مقاتل.
فأما الفداء ففيه وجهان :
أحدهما : أنه المفاداة على مال يؤخذ من أسير يطلق، كما فادى رسول الله ﷺ في بدر كل أسير بأربعة آلاف درهم، وفادى في بعض المواطن رجلاً برجلين.
الثاني : أنه البيع، قاله مقاتل.
﴿ حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : أن أوزار الحرب أثقالها، والوزر الثقل ومنه وزير الملك لأنه يتحمل عنه الأثقال، وأثقالها السلاح.
الثاني : هو [ وضع ] سلاحهم بالهزيمة أو الموادعة، قال الشاعر :

وأعددت للحرب أوزارها رماحا طوالاً وخيلاً ذكوراً
الثالث : حتى تضع الحرب أوزار كفرهم بالإسلام، قاله الفراء.
الرابع : حتى يظهر الإسلام على الدين كله، وهو قول الكلبي.
الخامس : حتى ينزل عيسى ابن مريم، قاله مجاهد.
ثم في هذه الآية قولان :
أحدهما : أنها منسوخة بقوله :﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِم لَعَلَّهُمْ يَذَّكُرُونَ ﴾ [ الأنفال : ٥٧ ] قاله قتادة.
الثاني : أنها ثابتة الحكم، وأن الإمام مخير في من أسره منهم بين أربعة أمور : أن يقتل لقوله تعالى :﴿ فَضَرْبَ الرِّقَابِ ﴾، أو يسترق لأن رسول الله ﷺ استرق العقيلي، أو يَمُنُّ كما مَنَّ على ثمامة، أو يفادي بمال أو أَسرى، فإذا أسلموا أسقط القتل عنهم وكان في الثلاثة الباقية، على خياره، وهذا قول الشافعي.
﴿ ذلِك وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لا نَتصَرَ مِنهُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : بالملائكة، قاله الكلبي.
الثاني : بغير قتال، قاله الفراء.
قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ قراءة أبي عمرو وحفص، قال قتادة : هم قتلى أحد. وقرأ الباقون ﴿ قَاتَلُواْ ﴾.
﴿ سَيَهْدِيهِمْ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : يحق لهم الهداية، قاله الحسن.
الثاني : يهديهم إلى محاجة منكر ونكير في القبر، قاله زياد.
الثالث : يهديهم إلى طريق الجنة، قاله ابن عيسى.
قوله تعالى :﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : عرفها بوصفها على ما يشوق إليها، حكاه ابن عيسى.
الثاني : عرفهم ما لهم فيها من الكرامة، قاله مقاتل.
الثالث : معنى عرفها أي طيبها بأنواع الملاذ، مأخوذ من العرف وهي الرائحة الطيبة، قاله بعض أهل اللغة.


الصفحة التالية
Icon