قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾ الوسوسة كثرة حديث النفس بما لا يتحصل في حفاء وإسرار، ومنه قول رؤبة :
وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق | .......................... |
أحدها : أنه حبل معلق به القلب، قاله الحسن. والأصم وهو الوتين.
الثاني : أنه عرق في الحلق، قاله أبو عبيدة.
الثالث : ما قاله ابن عباس، عرق العنق ويسمى حبل العاتق، وهما وريدان عن يمين وشمال، وسمي وريداً، لأنه العرق الذي ينصب إليه ما يرد من الرأس.
وفي قوله ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِن حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ تأويلان :
أحدهما : ونحن أقرب إليه من حبل وريده الذي هو منه.
الثاني : ونحن أملك به من حبل وريده، مع استيلائه عليه.
ويحتمل ثالثاً : ونحن أعلم بما توسوس به نفسه من حبل وريده، الذي هو من نفسه، لأنه عرق يخالط القلب، فعلم الرب أقرب إليه من علم القلب.
قوله تعالى :﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ.. ﴾ الآية. قال الحسن ومجاهد وقتادة : المتلقيان ملكان يتلقيان عملك، أحدهما عن يمينك، يكتب حسناتك، والآخر عن شمالك يكتب سيئاتك.
قال الحسن : حتى إذا مت طويت صحيفة عملك وقيل لك يوم القيامة :﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ﴾ عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك.
وفي ﴿ قَعِيدٌ ﴾ وجهان :
أحدهما : أنه القاعدة، قاله المفضل.
الثاني : المرصد الحافظ، قاله مجاهد. وهو مأخوذ من القعود.
قال الحسن : الحفظة أربعة : ملكان بالنهار وملكان بالليل.
قوله تعالى :﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ ﴾ أي ما يتكلم بشيء، مأخوذ من لفظ الطعام، وهو إخراجه من الفم.
﴿ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه المتتبع للأمور.
الثاني : أنه الحافظ، قاله السدي.
الثالث : أنه الشاهد، قاله الضحاك.
وفي ﴿ عَتِيدٌ ﴾ وجهان :
أحدهما : أنه الحاضر الذي لا يغيب.
الثاني : أنه الحافظ المعد إما للحفظ وإما للشهادة.
قوله تعالى :﴿ وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : ما يراه عند المعاينة من ظهور الحق فيما كان الله قد أوعده.
الثاني : أن يكون الحق هو الموت، سمي حقاً، إما لاسحقاقه، وإما لانتقاله إلى دار الحق. فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير. وتقديره : وجاءت سكرة الحق بالموت، ووجدتها في قراءة ابن مسعود كذلك.
﴿ ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه كان يحيد من الموت، فجاءه الموت.
الثاني : أنه يحيد من الحق، فجاءه الحق عند المعاينة.
وفي معنى التحيد وجهان :
أحدهما : أنه الفرار، قاله الضحاك.
( الثاني ) : العدول، قاله السدي. ومنه قول الشاعر :
ولقد قلت حين لم يك عنه | لي ولا للرجال عنه محيد |