قوله تعالى :﴿ فَنَقَّبُواْ فِي الْبِلاَدِ ﴾ فيه أربعة أوجه :
احدها : أثروا في البلاد، قاله ابن عباس.
الثاني : أنهم ملكوا في البلاد، قاله الحسن.
الثالث : ساروا في البلاد وطافوا، قاله قتادة، ومنه قول امرىء القيس :

وقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
الرابع : أنهم اتخذوا فيها طرقاً ومسالك، قاله ابن جريج.
ويحتمل خامساً : أنه اتخاذ الحصون والقلاع.
﴿ هَلْ مِن مَّحِيصٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : هل من منجٍ من الموت، قاله ابن زيد.
الثاني : هل من مهرب، قال معمر عن قتادة : حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله تعالى لهم مدركاً.
الثالث : هل من مانع؟ قال سعيد عن قتادة : حاص الفجرة، فوجدوا أمر الله منيعاً.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : لمن كان له عقل، قاله مجاهد، لأن القلب محل العقل.
الثاني : لمن كانت له حياة ونفس مميزة، فعبر عن النفس الحية بالقلب لأنه وطنها ومعدن حياتها. كما قال امرؤ القيس :
أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
﴿ أوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : ألقى السمع فيما غاب عنه بالأخبار، وهو شهيد فيما عاينه بالحضور.
الثاني : معناه سمع ما أنزل الله من الكتب وهو شهيد بصحته.
الثالث : سمع ما أنذر به من ثواب وعقاب، وهو شهيد على نفسه بما عمل من طاعة أو معصية.
وفي الآية ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها في جميع أهل الكتب، قاله قتادة.
الثاني : أنها في اليهود والنصارى خاصة، قاله الحسن.
الثالث : أنها في أهل القرآن خاصة، قاله محمد بن كعب وأبو صالح.
قوله تعالى :﴿ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾ واللغوب التعب والنصب. قال الراجز :
إذا رقى الحادي المطي اللغبا وانتعل الظل فصار جوربا
قال قتادة والكلبي : نزلت هذه الآية في يهود المدينة، زعموا أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام أولها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة، واستراح في يوم السبت، ولذلك جعلوه يوم راحة، فأكذبهم الله في ذلك.
قوله تعالى :﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ هذا خطاب للنبي ﷺ، أمر فيه بالصبر على ما يقوله المشركون، إما من تكذيب أو وعيد.
﴿ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ الآية. وهذا وإن كان خطاباً للنبي ﷺ، فهو عام له ولأمته.
وفي هذا التسبيح وجهان :
أحدهما : أنه تسبيحه بالقول تنزيهاً قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، قاله أبو الأحوص.
الثاني : أنها الصلاة ومعناه فصلِّ بأمر ربك قبل طلوع الشمس، يعني صلاة الصبح، وقبل الغروب، يعني صلاة العصر، قاله أبو صالح ورواه جرير بن عبد الله مرفوعاً.


الصفحة التالية
Icon