قوله تعالى ﴿ وَالطُّورِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه اسم للجبل بالسريانية، قاله مجاهد. قال مقاتل : يسمى هذا الطور زبير.
الثاني : أن الطور ما أنبت، وما لا ينبت فليس بطور، قاله ابن عباس، وقال الشاعر :
لو مر بالطور بعض ناعقة... ما أنبت الطور فوقه ورقة
ثم في هذا الطور الذي أقسم الله به ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه طور سيناء، قاله السدي.
الثاني : أنه الطور الذي كلم الله عليه موسى، قاله ابن قتيبة.
الثالث : أنه جبل مبهم، قاله الكلبي. وأقسم الله به تذكيراً بما فيه من الدلائل.
وقال بعض المتعمقة : إن الطور ما يطوى على قلوب الخائفين.
﴿ وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ ﴾ أي مكتوب، وفي أربعة أقاويل :
أحدها : أنه الكتاب الذي كتب الله لملائكته في السماء يقرؤون فيه ما كان وما يكون.
الثاني : أنه القرآن مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ.
الثالث : هي صحائف الأعمال فمن أخذ كتابه بيمينه، ومن آخذ كتابه بشماله، قاله الفراء.
الرابع : التوراة قاله ابن بحر.
﴿ فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : الصحيفة المبسوطة وهي التي تخرج للناس أعمالهم، وكل صحيفة فهي رق لرقة حواشيها، قال المتلمس :
فكأنما هي من تقادم عهدها... رق أتيح كتابها مسطور
الثاني : هو ورق مكتوب، قاله أبو عبيدة.
الثالث : هو ما بين المشرق والمغرب، قاله ابن عباس.
﴿ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : ما روى قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة قال : قال رسول الله ﷺ :« أُتِيَ بِيَ إِلَى السَّمَاءِ فَرُفِعَ لَنَا الْبَيتُ المَعْمُورُ، فَإِذَا هُوَ حِيالُ الكَعْبَةِ، لَوْ خَرَّ خَرَّ عَلَيهَا، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَومٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا مِنهُ لَمْ يَعُودُوا إِلَيهِ » قاله علي وابن عباس.
الثاني : ما قاله السدي : أن البيت المعمور، هو بيت فوق ست سموات، ودون السابعة، يدعى الضراح، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك من قبيلة إبليس لا يرجعون إليه أبداً، وهو بحذاء البيت العتيق.
الثالث : ما قاله الربيع بن أنس، أن البيت المعمور كان في الأرض في موضع الكعبة في زمان آدم، حتى إذا كان زمان نوح أمرهم أن يحجوا، فأبوا عليه وعصوه، فما طغى الماء رفع فجعل بحذائه في السماء الدنيا، فيعمره، فبوأ الله لإبراهيم الكعبة البيت الحرام حيث كان، قاله الله تعالى :﴿ وَإِِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيْمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ﴾ الآية.
الرابع : ما قاله الحسن أن البيت المعمور هو البيت الحرام.
وفي ﴿ الْمَعْمُورِ ﴾ وجهان :
أحدهما : أنه معمور بالقصد إليه.
الثاني : بالمقام عليه، قال الشاعر :
عمر البيت عامر... إذ أتته جآذر
من ظباء روائح... وظباء تباكر
وتأول سهل أنه القلب، عمارته إخلاصه، وهو بعيد.


الصفحة التالية
Icon