قوله تعالى :﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : نجوم القرآن إذا نزلت لأنه كان ينزل نجوماً، قاله مجاهد.
الثاني : أنها الثريا، رواه ابن أبي نجيح، لأنهم كانوا يخافون الأمراض عند طلوعها.
الثالث : أنها الزهرة، قاله السدي، لأن قوماً من العرب كانوا يعبدونها.
الرابع : أنها جماعة النجوم، قاله الحسن، وليس بممتنع أن يعبر عنها بلفظ الواحد كما قال عمر بن أبي ربيعة :

أحسن النجم في السماء الثريا والثريا في الأرض زين النساء
الخامس : أنها النجوم المنقضة، وسببه أن الله تعالى لما أراد بعث محمد ﷺ رسولاً، كثر انقضاض الكواكب قبل مولده، فذعر أكثر العرب منها، وفزعوا إلى كاهن لهم ضرير كان يخبرهم بالحوادث، فسألوه عنها، فقال انظروا البروج الاثني عشر، فإن انقض منها شيء، فهو ذهاب الدنيا، وإن لم ينقض منها شيء، فسيحدث في الدنيا أمر عظيم، فاستشعروا ذلك، فلما بعث رسول الله ﷺ، كان هو الأمر العظيم الذي استشعروه، فأنزل الله تعالى :﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ﴾ أي ذلك النجم الذي هوى، هو لهذه النبوة التي حدثت.
وفي قوله تعالى ﴿ إِذَا هَوى ﴾ ستة أقاويل :
أحدها : النجوم إذا رقي إليها الشياطين، قاله الضحاك.
الثاني : إذا سقط.
الثالث : إذا غاب.
الرابع : إذا ارتفع.
الخامس : إذا نزل.
السادس : إذا جرى، ومهواها جريها، لأنها لا تفتر في جريها في طلوعها وغروبها، وهذا قول أكثر المفسرين.
وهذا قسم، وعلى القول الخامس في انقضاض النجوم خبر.
﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ يعني : محمداً ﷺ، وفيه وجهان :
أحدهما : ما ضل عن قصد الحق ولا غوى في اتباع الباطل.
الثاني : ما ضل بارتكاب الضلال، وما غوى بأن خاب سعيه، وألفى الخيبة كما قال الشاعر :
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
أي : من خاب في طلبه لامه الناس، وهذا جواب القسم على قول الأكثرين، قال مقاتل : وهي أول سورة أعلنها رسول الله بمكة.
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : وما ينطق عن هواه، وهو ينطق عن أمر الله، قاله قتادة.
الثاني : ما ينطق بالهوى والشهوة، إن هو إلا وحي يوحى بأمر ونهي من الله تعالى له.
﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ أي يوحيه الله إلى جبريل ويوحيه جبريل إليه.


الصفحة التالية
Icon