﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمنتَهَى ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : إلى إعادتكم لربكم بعد موتكم يكون منتهاكم.
﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أضْحَكَ وَأَبْكَى ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : قضى أسباب الضحك والبكاء.
الثاني : أنه أراد بالضحك السرور، وبالبكاء الحزن.
والثالث : أنى خلق قوتي الضحك والبكاء، فإن الله ميز الإنسان بالضحك والبكاء من بين سائر الحيوان، فليس في سائر الحيوان ما ضحك ويبكي غير الإنسان، وقيل إن القرد وحده يضحك ولا يبكي، وإن الإبل وحدها تبكي ولا تضحك.
ويحتمل وجهاً رابعاً : أن يريد بالضحك والبكاء النعم والنقم.
﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : قضى أسباب الموت والحياة.
الثاني : خلق الموت والحياة كما قال تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْمَوتَ وَالْحَيَاةَ ﴾ قاله ابن بحر.
الثالث : أن يريد بالحياة الخصب وبالموت الجدب.
الرابع : أمات بالمعصية وأحيا بالطاعة.
الخامس : أمات الآباء وأحيا الأبناء.
ويحتمل سادساً : أن يريد به أنام وأيقظ.
﴿ مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾ وجهان :
أحدهما : إذا تخلق وتقدر، قاله الأخفش.
الثاني : إذا نزلت في الرحم، قاله الكلبي.
﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ﴾ فيه ثمانية تأويلات :
أحدها : أغنى بالكفاية وأقنى بالزيادة، وهو معنى قول ابن عباس.
الثاني : أغنى بالمعيشة وأقنى بالمال، قاله الضحاك.
الثالث : أغنى بالمال وأقنى بأن جعل لهم قنية، وهي أصول الأموال، قاله أبو صالح.
الرابع : أغنى بأن مَوّل وأقنى بأن حرم، قاله مجاهد.
الخامس : أغنى نفسه وأفقر خلقه إليه، قاله سليمان التيمي.
السادس : أغنى من شاء وأفقر من شاء، قاله ابن زيد.
السابع : أغنى بالقناعة وأقنى بالرضا، قاله سفيان.
الثامن : أغنى عن أن يخدم وأقنى أن يستخدم، وهذا معنى قول السدي.
ويحتمل تاسعاً : أغنى بما كسبه [ الإنسان ] في الحياة وأقنى بما خلفه بعد الوفاة مأخوذ من اقتناء المال وهو استبقاؤه.
﴿ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ﴾ والشعرى نجم يضيء وراء الجوزاء، قال مجاهد : تسمى هوزم الجوزاء، ويقال إنه الوقاد، وإنما ذكر أنه رب الشعرى وإن كان رباً لغيره لأن العرب كانت تعبده فأعلموا أن الشعرى مربوب وليس برب.
واختلف فيمن كان يعبده فقال السدي : كانت تعبده حمير وخزاعة وقال غيره : أول من عبده أبو كبشة، وقد كان من لا يعبدها من العرب يعظمها ويعتقد تأثيرها في العالم، قال الشاعر :
مضى أيلول وارتفع الحرور | وأخبت نارها الشعرى العبور |
أحدهما : أن عاد الأولى عاد بن إرم، وهم الذين أهلكوا بريح صرصر عاتية، وعاداً الآخرة قوم هود.
الثاني : أن عاداً الأولى قوم هود والآخرة قوم كانوا بحضرموت، قاله قتادة.
﴿ وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ﴾ والمؤتفكة المنقلبة بالخسف، قاله محمد بن كعب : هي مدائن قوم لوط وهي خمسة : صبغة وصغيرة وعمرة ودوماً وسدوم وهي العظمى، فبعث الله عليهم جبريل فاحتملها بجناحه ثم صعد بها حتى أن أهل السماء يسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ثم كفأها على وجهها ثم أتبعها بالحجارة كما قال تعالى :﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حَجَارةً مِن سِجِّيْلٍ ﴾ قال قتادة : كانوا أربعة آلاف ألف.