قوله تعالى ﴿ ن ﴾ فيه ثمانية أقوال :
أحدها : أن النون الحوت الذي عليه الأرض، قاله ابن عباس من رواية أبي الضحى عنه، وقد رفعه.
الثاني : أن النون الدواة، رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ.
الثالث : أنه حرف من حروف الرحمن، قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه.
الرابع : هو لوح من نور، رواه معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي ﷺ.
الخامس : أنه اسم من أسماء السورة، وهو مأثور.
السادس : أنه قسم أقسم اللَّه به، وللَّه تعالى أن يقسم بما يشاء، قاله قتادة.
السابع : أنه حرف من حروف المعجم.
الثامن : أن نون بالفارسية أيذون كن، قاله الضحاك.
ويحتمل تاسعاً : إن لم يثبت به نقل أن يكون معناه : تكوين الأفعال والقلم وما يسطرون، فنزل الأقوال جميعاً في قسمه بين أفعاله وأقواله، وهذا أعم قسمة.
ويحتمل عاشراً : أن يريد بالنون النفْس لأن الخطاب متوجه إليها بغيرعينها بأول حروفها، والمراد بالقلم ما قدره اللَّه لها وعليها من سعادة وشقاء، لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ.
أما ﴿ والقلم ﴾ ففيه وجهان :
أحدهما : أنه القلم الذي يكتبون به لأنه نعمة عليهم ومنفعة لهم، فأقسم بما أنعم، قاله ابن بحر.
الثاني : أنه القلم الذي يكتب به الذكر على اللوح المحفوظ، قال ابن جريج :
هو من نور، طوله كما بين السماء والأرض.
وفي قوله ﴿ وما يَسْطرون ﴾ ثلاثة أقاويل :
أحدها : وما يعلمون، قاله ابن عباس.
الثاني : وما يكتبون، يعني من الذكر، قاله مجاهد والسدي.
الثالث : أنهم الملائكة الكاتبون يكتبون أعمال الناس من خير وشر.
﴿ ما أنت بنعمةِ ربّك بمجنونٍ ﴾ كان المشركون يقولون للنبي ﷺ أنه مجنون به شيطان، وهو قولهم :﴿ يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ﴾ [ الحجر : ٦ ] فأنزل اللَّه تعالى رداً عليها وتكذيباً لقولهم :﴿ ما أنت بنعمة ربك بمجنون ﴾ أي برحمة ربك، والنعمة ها هنا الرحمة.
ويحتمل ثانياً : أن النعمة ها هنا قسم، وتقديره : ما أنت ونعمة ربك بمجنون، لأن الواو والباء من حروف القسم.
وتأوله الكلبي على غير ظاهره، فقال : معناه ما أنت بنعمة ربك بمخفق.
﴿ وإنّ لك لأجْراً غيْرَ مَمْنُونٍ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : غير محسوب، قاله مجاهد.
الثاني : أجراً بغير عمل، قاله الضحاك.
الثالث : غير ممنون عليك من الأذى، قاله الحسن.
الرابع : غير منقطع، ومنه قول الشاعر :

ألا تكون كإسماعيلَ إنَّ له رأياً أصيلاً وأجْراً غيرَ ممنون
ويحتمل خامساً : غير مقدّر وهو الفضل، لأن الجزاء مقدر، والفضل غير مقدر.
﴿ وإنك لعلى خُلُقٍ عظيمٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أدب القرآن، قاله عطية.


الصفحة التالية
Icon