﴿ وأنَّ المساجدَ للَّهِ ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : يعني الصلوات للَّه، قاله ابن شجرة.
الثاني : أنها الأعضاء التي يسجد عليها للَّه، قاله الربيع.
الثالث : أنها المساجد التي هي بيوت اللَّه للصلوات، قاله ابن عباس.
الرابع : أنه كل موضع صلى فيه الإنسان، فإنه لأجل السجود فيه يسمى مسجداً.
﴿ فلا تَدْعُوا مع اللَّهِ أحَداً ﴾ أي فلا تعبدوا معه غيره، وفي سببه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ما حكاه الأعمش أن الجن قالت : يا رسول الله ائذن لنا نشهد معك الصلاة في مسجدك، فنزلت هذه الآية.
الثاني : ما حكاه أبو جعفر محمد بن علّي أن الحمس من مشركي أهل مكة وهم كنانة وعامر وقريش كانوا يُلبّون حول البيت : لبيّك اللهم لبيّك، لبيّك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك، فأنزل اللَّه هذه الآية نهياً أن يجعل للَّه شريكاً، وروى الضحاك عن ابن عباس : أن النبي ﷺ كان إذا دخل المسجد قدّم رجله اليمنى وقال :« وأن المساجد للَّه فلا تدعوا مع اللَّه أحداً » اللهم أنا عبدك وزائرك، وعلى كل مزور حق وأنت خير مزور فأسألك برحمتك أن تفك رقبتي من النار « وإذا خرج من المسجد قدم رجله اليسرى وقال :» اللهم صُبَّ الخير صبّاً ولا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبداً ولا تجعل معيشتي كدّاً واجعل لي في الخير جداً «.
﴿ وأنه لما قام عبدُ اللَّهِ يدعوه ﴾ يعني محمداً، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه قام إلى الصلاة يدعو ربه فيها، وقام أصحابه خلفه مؤتمين، فعجبت الجن من طواعية أصحابه له، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه قام إلى اليهود داعياً لهم إلى اللَّه، رواه ابن جريج.
﴿ كادوا يكونون عليه لِبَداً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني أعواناً، قاله ابن عباس.
الثاني : جماعات بعضها فوق بعض، وهو معنى قول مجاهد، ومنه اللبد لاجتماع الصوف بعضه على بعض، وقال ذو الرمة :

ومنهلٍ آجنٍ قفرٍ مواردهُ خُضْرٍ كواكبُه مِن عَرْمَصٍ لَبِدِ.
وفي كونهم عليه لبداً ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهم المسلمون في اجتماعهم على رسول الله ﷺ قاله ابن جبير. الثاني : أنهم الجن حين استمعوا من رسول اللَّه قراءته، قاله الزبير بن العوام. الثالث : أنهم الجن والإنس في تعاونهم على رسول اللَّه في الشرك، قاله قتادة.
﴿ قلْ إني لا أَمْلِكُ لكم ضَرّاً ولا رَشَداً ﴾ يعني ضراً لمن آمن ولا رشداً لمن كفر، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : عذاباً ولا نعيماً.
الثاني : موتاً ولا حياة.
الثالث : ضلالاً ولا هدى.
﴿ قل إني لن يُجيرَني مِنَ اللَّهِ أَحدٌ ﴾ روى أبو الجوزاء عن ابن مسعود قال : انطلقتُ مع رسول اللَّه ﷺ ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط خطاً ثم تقدم عليهم فازدحموا عليه، فقال سيد لهم يقال له وردان : أنا أزجلهم عنك، فقال :


الصفحة التالية
Icon