الثاني : محمد ﷺ، قاله السدي.
الثالث : الحق، قاله مجاهد.
وفي قوله « عنيداً » أربعة تأويلات :
أحدها : معاند، قاله مجاهد وأبو عبيدة، وأنشد قول الحارثي :

إذا نزلت فاجعلاني وسطا إني كبير لا أطيق العُنَّدا
الثاني : مباعد، قاله أبو صالح، ومنه قول الشاعر :
أرانا على حال تفرِّق بيننا نوى غُرْبَةٍ إنّ الفراق عنود.
الثالث : جاحد، قاله قتادة.
الرابع : مُعْرض، قاله مقاتل.
ويحتمل تأويلاً خامساً : أنه المجاهر بعداوته.
﴿ سأرْهِقُه صَعُوداً ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : مشقة من العذاب، قاله قتادة.
الثاني : أنه عذاب لا راحة فيه، قاله الحسن.
الثالث : أنها صخرة في النار ملساء يكلف أن يصعدها، فإذا صعدها زلق منها، وهذا قول السدي.
الرابع : ما رواه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ « سأرهقه صعودا » قال :« هو جبل في النار من نار يكلف أن يصعده، فإذا وضع يده عيله ذابت، وإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت، وإذا رفعها عادت ».
ويحتمل إن لم يثبت هذا النقل قولاً خامساً : أنه تصاعد نفسه للنزع وإن لم يتعقبه موت ليعذب من داخل جسده كما يعذب من خارجه.
﴿ إنه فكَّر وقَدَّر ﴾ قال قتادة : زعموا أن الوليد بن المغيرة قال : لقد نظرت فيما قال هذا الرجل فإذا هو ليس بشعر، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يُعْلَى، وما أشك أنه سحر، فهو معنى قوله « فكر وقدّر » أي فكر في القرآن فيما إنه سحر وليس بشعر.
ويحتمل وجهاً ثالثاً : أن يكون فكّر في العداوة وقدّر في المجاهدة.
﴿ فقُتِلَ كيف قَدَّرَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أي عوقب ثم عوقب، فيكون العقاب تكرر عليه مرة بعد أخرى.
الثاني : أي لعن ثم لعن كيف قدر أنه ليس بشعر ولا كهانة، وأنه سحر.
﴿ ثم نَظَرَ ﴾ يعني الوليد بن المغيرة، وفي ما نظر فيه وجهان :
أحدهما : أنه نظر في الوحي المنزل من القرآن، قاله مقاتل.
الثاني : أنه نظر إلى بني هاشم حين قال في النبي ﷺ إنه ساحر، ليعلم ما عندهم.
ويحتمل ثالثاً : ثم نظر إلى نفسه فيما أُعطِي من المال والولد فطغى وتجبر.
﴿ ثم عَبَسَ وبَسَرَ ﴾ أما عبس فهو قبض ما بين عينينه، وبَسَرَ فيه وجهان :
أحدهما : كلح وجهه، قاله قتادة، ومنه قول بشر بن أبي خازم :
صبحنا تميماً غداة الجِفار بشهباءَ ملمومةٍ باسِرةَ
الثاني : تغيّر، قاله السدي، ومنه قول توبة :
وقد رابني منها صدودٌ رأيتُه وإعْراضها عن حاجتي وبُسورها.
واحتمل أن يكون قد عبس وبسر على النبي ﷺ حين دعاه. واحتمل أن يكون على من آمن به ونصره.


الصفحة التالية
Icon