﴿ كلا إذا بَلَغَتِ التّراقِيَ ﴾ يعني بلوغ الروح عند موته إلى التراقي، وهي أعلى الصدر، واحدها ترقوه.
﴿ وقيلَ مَنْ راقٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : قال أَهْله : من راقٍ يرقيه بالرُّقى وأسماء الله الحسنى، قاله ابن عباس.
الثاني : مَنْ طبيبٌ شافٍ، قاله أبو قلابة، قال الشاعر :
هل للفتى مِن بنات الدهرِ من واقى | أم هل له من حمامِ الموتِ من راقي |
﴿ وظَنَّ أنّه الفِراق ﴾ أي تيقن أنه مفارق الدنيا.
﴿ والْتَفّتِ الساقُ بالساقِ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : اتصال الدنيا بالآخرة، قاله ابن عباس.
الثاني : الشدة بالشدة والبلاء بالبلاءِ، وهو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع، قاله عكرمة ومجاهد، ومنه قول حذيفة بن أنس الهذلي :
أخو الحرب إن عضّت به الحربُ عضّها | وإن شمّرتْ عن ساقها الحرب شمّرا. |
ماتت رجلاه فلم تحملاه وقد كان عليهما جوّالاً.
الرابع : أنه اجتمع أمران شديدان عليه : الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه، قاله ابن زيد.
﴿ إلى ربِّك يومئذٍ المساقُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : المنطلق، قاله خارجة.
الثاني : المستقر، قاله مقاتل.
﴿ فلا صَدَّقَ ولا صَلَّى ﴾ هذا في أبي جهل، وفيه وجهان :
أحدهما : فلا صدّق بكتاب الله ولا صلّى للَّه، قاله قتادة.
الثاني : فلا صدّق بالرسالة ولا آمن بالمرسل، وهو معنى قول الكلبي.
ويحتمل ثالثاً : فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه.
﴿ ولكن كَذَّبَ وتَوَلَّى ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : كذب الرسول وتولى عن المرسل.
الثاني : كذب بالقرآن وتولى عن الطاعة.
﴿ ثم ذَهَبَ إلى أَهْلِه يَتَمَطَّى ﴾ يعني أبا جهل، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يختال في نفسه، قاله ابن عباس.
الثاني : يتبختر في مشيته، قال زيد بن أسلم وهي مشية بني مخزوم.
الثالث : أن يلوي مطاه، والمطا : الظهر، وجاء النهي عن مشية المطيطاء وذلك أن الرجل يلقي يديه مع الكفين في مشيه.
﴿ أوْلَى لك فأوْلَى * ثم أوْلَى لك فأوْلَى ﴾ حكى الكلبي ومقاتل : أن النبي ﷺ لقي أبا جهل ببطحاء مكة وهو يتبختر في مشيته، فدفع في صدره وهمزه بيده وقال :
« أوْلى لك فأولى » فقال أبو جهل :
إليك عني أوعدني يا ابن أبي كبشة ما تستطيع أنت ولا ربك الذي أرسلك شيئاً، فنزلت هذه الآية.
وفيه وجهان :
أحدهما : وليك الشر، قال قتادة، وهذا وعيد على وعيد.