الثاني : أنه أقسم بها وإن كانت مخلوقة لا يجوز لمخلوق أن يقسم بها، لأن لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه.
وجواب ما عقد له القسم ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه مضمر محذوف وتقديره لو أظْهر : لتُبْعَثُن ثم لُتحاسبُن، فاستغنى بفحوى الكلام وفهم السامع عن إظهاره، قاله الفراء.
الثاني : أنه مظهر، وهو قوله تعالى :﴿ إن في ذلك لعبرةً لمن يخشى ﴾ قاله مقاتل.
الثالث : هو قوله تعالى :
﴿ يومَ ترْجفُ الراجفةُ * تَتْبعُها الرادِفةُ ﴾ وفيهما ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الراجفة القيامة، والرادفة البعث، قاله ابن عباس.
الثاني : أن الراجفة النفخة الأولى تميت الأحياء، والرادفة : النفخة الثانية تحيي الموتى، قاله الحسن وقتادة.
وقال قتادة : ذكر أن النبي ﷺ قال :« بينهما أربعون، ما زادهم على ذلك ولا سألوه، وكانوا يرون أنها أربعون سنة ».
وقال عكرمة : الأولى من الدنيا، والثانية من الآخرة.
الثالث : أن الراجفة الزلزلة التي ترجف الأرض والجبال والرادفة إذا دكّتا دكة واحدة، قاله مجاهد.
ويحتمل رابعاً : أن الراجفة أشراط الساعة، والرادفة : قيامها.
﴿ قلوبٌ يومئذٍ واجِفَةٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : خائفة، قاله ابن عباس.
الثاني : طائرة عن أماكنها، قاله الضحاك.
﴿ أَبْصارُها خاشِعَة ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ذليلة، قاله قتادة.
الثاني : خاضعة، قاله الضحاك.
﴿ يقولون أئنا لَمْردودُونَ في الحافِرةِ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : أن الحافرة الحياة بعد الموت، قاله ابن عباس والسدي وعطية.
الثاني : أنها الأرض المحفورة، قاله ابن عيسى.
الثالث : أنها النار، قاله ابن زيد.
الرابع : أنها الرجوع إلى الحالة الأولى تَكذيباً بالبعث، من قولهم رجع فلان على قومه إذا رجع من حيث جاء، قاله قتادة، قال الشاعر :

أحافرة على صَلَعٍ وشيْبٍ معاذَ اللَّه من جَهْلٍ وطَيْشِ
﴿ أَئِذا كْنَا عِظاماً نَخِرةً ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : بالية، قاله السدي.
الثاني : عفنة، قاله ابن شجرة.
الثالث : خالية مجوفة تدخلها الرياح فتنخر، أي تصوّت، قاله عطاء والكلبي.
ومن قرأ « ناخرة » فإن الناخرة البالية، والنخرة التي تنخر الريح فيها.
﴿ تلك إذاً كَرّةٌ خاسِرةٌ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : باطلة لا يجيء منها شيء، كالخسران، وليست كاسبة، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : معناه لئن رجعنا أحياء بعد الموت لنخسرنّ بالنار، قاله قتادة ومحمد بن كعب.
ويحتمل ثالثاً : إذا كنا ننتقل من نعيم الدنيا إلى عذاب الآخرة فهي كرة خاسرة.
﴿ فإنّما هي زجْرةٌ واحدةٌ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : نفخة واحدة يحيا بها الجميع فإذا هم قيام ينظرون، قاله الربيع بن أنس.
الثاني : الزجرة الغضب، وهو غضب واحد، قاله الحسن.


الصفحة التالية
Icon