الثالث : إذا ذهب، قاله قتادة.
الرابع : إذا سكن، قاله اليمان بن رئاب.
﴿ ومِن شَرِّ النّفّاثاتِ في العُقَدِ ﴾ قال أهل التأويل : من السواحر ينفثن في عقد الخيوط للسحر، قال الشاعر :
أعوذ بربي من النافثا | تِ في عِضَه العاضه المعْضِه |
نَفَثْت في الخيط شبيه الرُّقَى | من خشيةِ الجِنّة والحاسدِ. |
أحدها : أنه إيهام للأذى وتخيل للمرض من غير أن يكون له تأثير في الأذى والمرض، إلا استشعار ربما أحزن، أو طعام ضار ربما نفذ بحيلة خفية.
الثاني : أنه قد يؤذى بمرض لعارض ينفصل فيتصل بالمسحور فيؤثر فيه كتأثير العين، وكما ينفصل من فم المتثائب ما يحدث في المقابل له مثله.
الثالث : أنه قد يكون ذلك بمعونة من خدم الجن يمتحن الله بعض عباده.
فأما المروي من سحر النبي ﷺ فقد أثبته أكثرهم، وأن قوماً من اليهود سحروه وألقوا عقدة سحره في بئر حتى أظهره الله عليها.
روى أبو صالح عن ابن عباس أن النبي ﷺ اشتكى شكوى شديدة، فبينا هو بين النائم واليقظان إذا ملكان أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما : ما شكواه؟ فقال الآخر : مطبوب، ( أي مسحور، والطب : السحر ) قال : ومن طبّه؟ قال : لبيد بن الأعصم اليهودي فطرحه في بئر ذروان تحت صخرة فيها، فبعث رسول الله ﷺ عمار بن ياسر فاستخرج السحر منها، ويروى أن فيه إحدى عشرة عقدة، فأمر بحل العقد، فكان كلما حل عقدة وجد راحة، حتى حلت العقد كلها، فكأنما أنشط من عقال، فنزلت عليه المعوذتان، وهما إحدى عشرة آية بعدد العقد، وأمر أن يتعوذ بهما.
وأنكره آخرون، ومنعوا منه في رسول الله ﷺ وإن صح في غيره، لما في استمراره عليه من خبل العقل، وأن الله تعالى قد أنكر على من قال في رسوله حيث يقول :﴿ إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً ﴾.
﴿ ومن شر حاسد إذا حسد ﴾ أما الحسد فهو تمني زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها، والمنافسة هي تمني مثلها وإن لم تزل، فالحسد شر مذموم، والمنافسة رغبة مباحة، وقد روي أن النبي ﷺ قال :« المؤمن يغبط والمنافق يحسد ».