قوله تعالى :﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً ﴾ الآية. فيه أربعة أقاويل :
أحدها : ما رواه ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« يَا مَعْشَرَ قُرَيشٍ إِنَّهُ لَيسَ أَحَدٌ يُعْبَدُ مِن دُونِ اللَّهِ فِيهِ خَيْرٌ » فقالوا : ألست تزعم أن عيسى كان نبياً وعبداً صالحاً؟ فقد كان يعبد من دون الله، فنزلت.
الثاني : ما حكاه مجاهد أن قريشاَ قالت : إن محمداً يريد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى، فنزلت.
الثالث : ما حكاه قتادة أن الله لما ذكر نزول عيسى في القرآن قالت قريش : يا محمد ما أردت إلى ذكر عيسى؟ فنزلت هذه الآية.
الرابع : ما ذكره ابن عيسى أنه لما ذكر الله خلق عيسى من غير ذكر كآدم أكبرته قريش فنزلت هذه الآية. وضربه مثلاً أن خلقه من أنثى بغير ذكر كما خلق آدم من غير أنثى ولا ذكر ولذلك غلت فيه النصارى حين اتخذته إلهاً.
﴿... يَصِدُّونَ ﴾ فيه قراءتان :
إحداهما : بكسر الصاد.
والثانية : بضمها فاختلف أهل التفسير في اختلافهما على قولين :
أحدهما : معناه واحد وإن اختلف لفظهما في الصيغة مثل يشد ويشُد وينِم وينُم، فعلى هذا في تأويل ذلك أربعة أوجه :
أحدها : يضجون، قاله ابن عباس، وعكرمة، والضحاك.
الثاني : يضحكون، قاله قتادة.
الثالث : يجزعون، حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم.
الرابع : يعرضون، قاله إبراهيم.
والقول الثاني : معناهما مختلف، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها بالضم يعدلون، وبالكسر يتفرقون، قاله الحسن.
الثاني : أنه بالضم يعتزلون، وبالكسر يضجون، قاله الأخفش.
الثالث : أنه بالضم من الصدود، وبالكسر من الضجيج، قاله قطرب.
﴿ وَقَالُواْ ءَأَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ﴾ وهذا قول قريش، قالواْ : أآلهتنا وهي أصنامهم التي يبعدونها خير ﴿ أَمْ هُوَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أم محمد ﷺ، قاله قتادة.
الثاني : أم عيسى، قاله السدي.
﴿ مَا ضَرَبُوه لَكَ إِلاَّ جَدَلاً ﴾ قال السدي : هو قول قريش لرسول الله ﷺ تزعم كل شيء عبد من دون الله في النار فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى وعزير والملائكة هؤلاء قد عبدوا من دون الله.
﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن الخصم الحاذق بالخصومة.
الثاني : أنه المجادل بغير حجة.
قوله تعالى :﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّعَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ﴾ قال قتادة : يعني عيسى.
﴿ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : بالنبوة.
الثاني : بخلقه من غير أب كآدم. وفيه وجه.
الثالث : بسياسة نفسه وقمع شهوته.
﴿ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَآئِيلَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني أنه لبني إسرائيل، قاله قتادة.
الثاني : لتمثيله بآدم، قاله ابن عيسى.
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكم مَّلاَئِكَةً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني لقلبنا بعضكم ملائكة من غير أب كما خلقنا عيسى من غير أب ليكونوا خلفاء من ذهب منكم.


الصفحة التالية
Icon