البابُ التَّاسِعُ : نَفْيُ الْمَجازِ
١ـ صَرَّحَ بِنَفْيِهِ الْمُحَقِّقونَ ؛ ولَم يُحفَظُ عَن أَحَدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ القَولُ بِهِ.
وإِنَّما حَدَثَ تَقسِيمُ الكَلامِ إِلى حَقيقَةٍ ومَجازٍ بَعدَ القُرونِ الْمُفَضَّلَةِ.
فَتَذَرَّعَ بِهِ الْمُعتَزِلَةُ والجَهْمِيَّةُ إِلَى : الإِلحادِ في الصِّفاتِ.
٢ـ قالَ الشَّيخُ :« وَلَم يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِهِ، ولا رَسُولُهُ، ولا أَصحابُهُ، ولا التَّابِعون لَهُم بِإحسانٍ.
ومَن تَكَلَّمَ بهِ مِن أَهلِ اللغَةِ يَقُولُ في بَعضِ الآياتِ :( هذا مِنْ مَجازِ اللغَةِ ) ومُرادُهُ : أَنَّ هذا مِمَّا يَجوزُ في اللغَةِ، ولم يُرِدْ هذا التَّقسيمُ الحادثِ ؛ لا سِيَّما وقد قالُوا :( إنَّ الْمَجازَ يَصِحُّ نَفْيُهُ ) ! فَكَيفَ يَصِحُّ حَملُ الآياتِ القُرآنِيَّةِ على مِثلِ ذلك.
وَلا يَهُولَنَّكَ إِطباقُ الْمُتَأخّرينَ عَليهِ، فَإنَّهُم أَطبَقُوا على ما هُوَ شَرٌّ مِنهُ »
ه.
٣ـ وَذَكَرَ ابنُ القَيِّمِ خَمسِينَ وَجهاً في بُطلانِ القَولِ بالْمَجازِ.
وكَلامُ اللهِ وكلامُ رَسُولِهِ مُنَزَّهٌ عَنْ ذلكَ.
البابُ العاشِرُ : إعْجازُ القُرآنِ
١ـ تَعريفُهُ :
الْمُعجِزَةُ : أَمرٌ خارِقٌ للعادَةِ، مَقرونٌ بالتَّحَدِّي، سَالِمٌ عَنِ الْمُعارَضَةِ.
٢ـ والقُرآن مُعجِزٌ أَبداً :
أَعجَزَ الفُصحاءَ مَعَ حِرصِهِم على مُعارَضَتِهِ.
وقَد تَحَدَّهُم تَعالَى على أن يَأتُوا بِحديثٍ مِثلِهِ، أو عَشرِ سُوَرٍ، أو سُورَةٌ.
٣ـ وُجُوهُ إعجازِهِ :
وَذَكَرَ العُلَماءُ وُجوهاً مِن إعجازِهِ :
مِنها : أُسلُوبُهُ، وبَلاغَتُهُ، وبَيانُهُ، وفَصاحَتُهُ، وحُسنُ تألِيفِهِ، وإِخبارُهُ عَنِ الْمُغَيَّباتِ، والرَّوعَةُ في قُلوبِ سامِعيهِ … وغَيرُ ذلكَ.
حتَّى قالَ الوَليدُ :( إِنَّ لَهُ لَحَلاوَةٌ، وإنَّ عَلَيهِ لَطَلاوَةٌ … ).
ومَن تَأَمَّلَ حُسنَهُ وَبَديعَهُ وبَيانُهُ وَوُجوهَ مُخاطَباتِهِ : عَلِمَ أَنَّهُ مُعْجِزٌ مِن وُجوهٍ كَثيرَةٍ.


الصفحة التالية
Icon