ص : ١٨
المغضوب عليهم والضالين في مقابلة المهتدين المنعم عليهم. وهذا كثير في القرآن : يقرن بين الضلال والشقاء، وبين الهدى والفلاح. فالثاني كقوله :
٢ : ٥ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وقوله :
٦ : ٨٢ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ والأول كقوله تعالى : ٥٤ :
٤٧ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ وقوله : ٢ : ٧ خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ، وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ، وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وقد جمع سبحانه بين الأمور الأربعة في قوله : ٢٠ : ١٢٤ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى فهذا الهدى والسعادة. ثم قال :
٢٠ : ١٢٥ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً. وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى. قالَ : رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى، وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً؟ قالَ : كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها، وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى
فذكر الضلال والشقاء.
فالهدى والسعادة متلازمان. والضلال والشقاء متلازمان.

فصل


وذكر الصراط المستقيم منفردا، معرفا تعريفين : تعريفا باللام، وتعريفا بالإضافة. وذلك يفيد تعيّنه واختصاصه، وأنه صراط واحد. وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها، كقوله : ٦ :
١٥٣ وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ فوحّد لفظ الصراط وسبيله. وجمع السبل المخالفة له. و
قال ابن مسعود :«خطّ لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خطّا، وقال : هذا سبيل اللّه، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره، وقال : هذه سبل، وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى : وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «١»»
وهذا لأن
(١) أخرجه الترمذي برقم ٢٤٥٤ وقال : خطا مربعا، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٣١٨.


الصفحة التالية
Icon