ص : ٢٨١
المضاف بالمضاف إليه، وكونه جزؤه حقيقة، فكأنه قال : ذهبت إصبع وإصبعان من أصابعه. وحمل القرآن على المكثور الذي خلافه أفصح منه :
ليس بسهل.
فصل
المسلك السادس : أن هذا من باب الاستغناء بأحد المذكورين عن الآخر، لكونه تبعا له ومعنى من معانيه. فإذا ذكر أغنى عن ذكره لأنه يفهم منه.
ومنه في أحد الوجوه قوله تعالى : ٢٦ : ٤ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ فاستغني عن خبر الأعناق بالخبر عن أصحابها.
ومنه في أحد الوجوه قوله تعالى : ٩ : ٦٢ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ المعنى : واللّه أحق أن يرضوه ورسوله كذلك، فاستغنى بإعادة الضمير إلى اللّه إذ إرضاؤه هو إرضاء رسوله فلم يحتج أن يقول : يرضوهما.
فعلى هذا يكون الأصل في الآية : إن اللّه قريب من المحسنين. وأن رحمة اللّه قريبة من المحسنين فاستغنى بخبر المحذوف عن خبر الموجود وسوغ ذلك ظهور المعنى.
وهذا المسلك مسلك حسن إذا كسى تعبيرا أحسن من هذا. وهو مسلك لطيف المنزع دقيق على الافهام. وهو من أسرار القرآن.
والذي ينبغي أن يعبر عنه به : أن الرحمة صفة من صفات الرب تبارك وتعالى والصفة قائمة بالموصوف لا تفارقه لأن الصفة لا تفارق موصوفها. فإذا كانت قريبة من المحسنين فالموصوف تبارك وتعالى أولى بالقرب منه، بل قرب رحمته تبع لقربه هو تبارك وتعالى من المحسنين.