ص : ٤١٥
وإخباتا، وخشية، ورجاء. وخلص عمله وأمره كله للّه، فإن أحب أحب في اللّه، وإن بغض أبغض في اللّه، وإن أعطى أعطى للّه، وإن منع منع للّه، ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكم لكل من عدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيعقد قلبه معه عقدا محكما على الائتمام والاقتداء به وحده، دون كل أحد في الأموال والأعمال : من أقوال القلب، وهي العقائد. وأقوال اللسان، وهي الخبر عما في القلب وأعمال القلب وهي الإرادة والمحبة والكراهية وتوابعها، وأعمال الجوارح، فيكون الحكم عليه في ذلك كله دقّة وجلّه :
لما جاء به الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم. فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول ولا عمل، كما قال تعالى : ٤٩ : ١ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أي لا تقولوا حتى يقول، ولا تفعلوا حتى يأمر.
قال بعض السلف : ما من فعلة، وإن صغرت، إلا ينشر لها ديوانان :
لم؟ وكيف؟ أي لم فعلت؟ وكيف فعلت؟.
فالأول سؤال : عن علة الفعل وباعثه وداعيه : هل هو حظ عاجل من حظوظ العامل، وغرض من أغراض النفس في محبة المدح من الناس وخوف ذمهم؟ أو استجلاب محبوب عاجل أو دفع مكروه عاجل، أم الباعث على الفعل القيام بحق العبودية للّه، وطلب التودد والتقرب إلى الرب سبحانه، وابتغاء الوسيلة إليه؟.
ومحل هذا السؤال : أنه هل كان عليك أن تفعل هذا الفعل لمولاك أم فعلته لحظك وهواك؟.
والثاني : سؤالك عن متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك التعبد؟ أي هل كان ذلك العمل بما شرعته لك على لسان رسولي، أم كان عملا لم أشرعه ولم أرضه؟.
فالأول : سؤال عن الإخلاص. والثاني : عن المتابعة. فإن اللّه سبحانه لا يقبل عملا إلا بهما.