ص : ٤٣
الأمة فعمر بن الخطاب».
وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه اللّه يقول : جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا، وعلق وجودهم في هذه الأمة بإن الشرطية، مع أنها أفضل الأمم لاحتياج الأمم قبلنا إليهم، واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته، فلم يحوج اللّه الأمة بعده إلى محدث ولا ملهم، ولا صاحب كشف ولا منام فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها.
والمحدّث هو الذي يحدّث في سره وقلبه بالشيء، فيكون كما يحدث به.
قال شيخنا : والصديق أكمل من المحدث. لأنه استغنى بكمال صديقيته ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف، فإنه قد سلم قلبه كله وسره وظاهره وباطنه للرسول فاستغنى به عما منه.
قال : وكان هذا المحدث يعرض ما يحدث به على ما جاء به الرسول.
فإن وافقه قبله، وإلا رده، فعلم أن مرتبة الصديقية فوق مرتبة التحديث.
قال : وأما ما يقوله كثير من أصحاب الخيالات والجهالات : حدثني قلبي عن ربي : فصحيح أن قلبه حدثه، ولكن عن من؟ عن شيطانه، أو عن ربه؟ فإذا قال : حدثني قلبي عن ربي كان مسندا الحديث إلى من لم يعلم أنه حدثه به، وذلك كذب، قال : ومحدث الأمة لم يكن يقول ذلك، ولا تفوّه به يوما من الدهر، وقد أعاذه اللّه من أن يقول ذلك. بل كتب كاتبه يوما «هذا ما أرى اللّه أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب. فقال : لا. امحه واكتب : هذا ما رأى عمر بن الخطاب. فإن كان صوابا فمن اللّه، وإن كان خطأ فمن عمر، واللّه ورسوله منه بري ء» وقال في الكلالة «أقول فيها برأيي.
فإن يكن صوابا فمن اللّه. وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان»
فهذا قول المحدث بشهادة الرسول وأنت ترى الاتحادي والحلولي والإباحي الشطاح، والسماعي : مجاهر بالقحة والفرية. يقول : حدثني قلبي عن ربي، فانظر إلى ما


الصفحة التالية
Icon