ص : ٦٠٥
المعوذتين؟ فقال : سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال. قيل لي، فقلت. فنحن نقول كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم» ثم قال : حدثنا علي بن عبد اللّه حدثنا سفيان حدثنا عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش. وحدثنا عاصم عن زر قال «سألت أبيّ بن كعب. قلت : أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال : إني سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال : قيل لي، فقلت : قل.
فنحن نقول كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم».
قلت : مفعول القول محذوف، وتقديره : قيل لي قل، أو قيل لي هذا اللفظ. فقلت كما قيل لي.
وتحت هذا من السر : أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ليس له في القرآن إلا إبلاغه، لا أنه هو أنشأه من قبل نفسه، بل هو المبلغ له عن اللّه. وقد قال اللّه له :
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فكان مقتضى البلاغ التام أن يقول : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ كما قال اللّه. وهذا هو المعنى الذي
أشار النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إليه بقوله «قيل لي، فقلت»
أي إني لست مبتدئا، بل أنا مبلغ، أقول كما يقال لي، وأبلغ كلام ربي كما أنزله إليّ.
فصلوات اللّه وسلامه عليه، لقد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وقال كما قيل له. فكفانا من المعتزلة والجهمية وإخوانهم ممن يقول : هذا القرآن العربي وهذا النظم كلامه ابتدأ هو به. ففي هذا الحديث أبين الرد لهذا القول، وأنه صلّى اللّه عليه وسلّم بلغ القول الذي أمر بتبليغه على وجهه ولفظه، حتى إنه لما قيل له «قل» قال هو «قل» لأنه مبلغ محض. وما على الرسول إلا البلاغ.
الفصل الثاني
في المستعاذ. وهو اللّه وحده، رب الفلق. ورب الناس، ملك الناس، إله الناس. الذي لا ينبغي الاستعاذة إلا به، ولا يستعاذ بأحد من خلقه، بل هو الذي يعيذ المستعيذين، ويعصمهم. ويمنعهم من شر ما


الصفحة التالية
Icon