وكانت قصة هذه المفاخرة على ما أخبرناه أبو إسحاق أحمد بن محمد المقريء قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن الحسن السدوسي قال: حدثني محمد بن صالح بن هانئ قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب قال: حدثنا قاسم بن أبي شيبة قال: حدثنا معلى بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمرو بن الحكم عن جابر بن عبد الله قال: جاء بنو تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنادوا على الباب يا محمد اخرج إلينا، فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين، فسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج عليهم وهو يقول: إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمه شين، فقالوا: نحن ناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بالشعر بعثت ولا بالفخار أمرت ولكن هاتوا، فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبانهم قم فاذكر فضلك وفضل قومك، فقام فقال: الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير أهل الأرض ومن أكثرهم عدة، ومالاً وسلاحاً، فمن أنكر علينا قولنا فليأت بقول هو أحسن من قولنا، وفعال هي خير من فعالنا، فقال رسول الله ﷺ لثابت بن قيس بن شماس قم فأجب فقام فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به، وأتوكل عليه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، دعا المهاجرين والأنصار من بني عمه، أحسن الناس وجوهاً وأعظمهم أحلاماً فأجابوا، فالحمد لله الذي جعلنا أنصاره ووزراء رسوله وعزا لدينه، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فمن قالها منع منا نفسه وماله، ومن أباها قتلناه، وكان رغمه من الله تعالى علينا هيناً، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات، فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبانهم قم يا فلان فقل أبياتاً تذكر فيها فضلك وفضل قومك، فقام الشاب فقال:

نَحنُ الكِرامُ فَلا حَيٌّ يُفاخِرُنا فينا الرُؤوسُ وَفينا يُقسِمُ الرَبعُ
وَنُطعِمُ الناسَ عِندَ القَحطِ كُلُّهُمُ مِنَ السَديفِ إِذا لَم يُؤنَسِ القَزعُ
إِذا أَبَينا فَلا يَأبى لَنا أَحَدٌ إِنّا كَذَلِكَ عِندَ الفَخرِ نَرتَفِعُ
قال: فأرسل رسول الله ﷺ إلى حسان بن ثابت، فانطلق إليه الرسول فقال: وما يريد مني وقد كنت عنده؟ قال: جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم، فأمر رسول الله ﷺ ثابت بن قيس فأجابهم وتكلم شاعرهم، فأرسل إليك تجيبه فجاء حسان فأمره رسول الله ﷺ أن يجيبه فقال حسان:
نَصَرنا رَسولَ اللَهِ وَالدينُ عَفوَةٌ عَلى الرَغمِ سارَ مِن مَعدٍ وَحاضِرِ
أَلَسنا نَخوضُ المَوتَ في حَومَةِ الوَغى إِذا طابَ وِردُ المَوتِ بَينَ العَساكِرِ
وَنَضرِبُ هامَ الدارِعينَ وَنَنتَمي إِلى حَسَبٍ مِن جُرمِ غَسّانَ قاهِرِ
فَلَولا حَياءُ اللَهِ قُلنا تَكَرُّماً عَلى الناسِ بِالحَقَّينِ هَل مِن مُنافِرِ
فَأَحياؤُنا مِن خَيرِ مَن وَطِئَ الحَصى وَأَمواتُنا مِن خَيرِ أَهلِ المَقابِرِ
قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: إني والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، وقد قلت شعراً فاسمعه، فقال: هات، فقال:
أَتَيناكَ كَيما يَعرِفُ الناسُ فَضلَنا إِذا فاخَرونا عِندَ ذِكرِ المَكارِمِ
وَإِنّا رُؤوسُ الناسِ مِن كُلِّ مَعشَرٍ وَأَن لَيسَ في أَرضِ الحِجازِ كَوارِمِ
وَإِنَّ لَنا المِرباعَ في كُلِّ غارَةٍ تَكونُ بِنَجدٍ أَو بِأَرضِ التَهائِمِ
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا حسان فأجب، فقال:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
بَني دارِمٍ لا تَفخَروا إِنَّ فَخرَكُم يَعودُ وَبالاً عِندَ ذِكرِ المَكارِمِ
هَبَلتُم عَلَينا تَفخَرونَ وَأنتُمُ لَنا خَولٌ مِن بَينِ ظِئرٍ وَخادِمِ
وَأَفضَلُ ما نِلتُم مِن المَجدِ وَالعُلى رَدافَتَنا مِن بَعدِ ذِكرِ الأَكارِمِ