قوله (يَسأَلونَكَ عَنِ الخَمرِ وَالمَيسِرِ) الآية، نزلت في عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل ونفر من الأنصار أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: افتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله (يَسأَلونَكَ عَنِ اليَتامى) أخبرنا أبو منصور عبد القاهر، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج قال: حدثنا الحسن بن المثنى بن معاذ قال: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال: حدثنا سفيان الثوري عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت (إِنَّ الَّذينَ يَأَكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظُلمَاً) عزلوا أموالهم، فنزلت (قُل إِصلاحٌ لَهُم خَيرٌ، وَإِن تُخالِطوهُم فَإِخوانُكُم) فخلطوا أموالهم بأموالهم.
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أنزل الله عز وجل (وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إَلا بِالَتي هِيَ أَحسَن) و (إِنَّ الَّذينّ يَأكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظُلمَاً) انطلق من كان عنده مال يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، وجعل يفضل الشيء من طعامه فيجلس له حتى يأكله أو يفسد، واشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل (يَسأَلونَكَ عَنِ اليَتامى قُل إِصلاحٌ لَهُم خَيرٌ، وَإِن تُخالِطوهُم) فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم.
قوله (وَلا تَنكِحوا المُشرِكاتِ حَتّى يُؤمِنَّ) الآية، أخبرنا أبو عثمان بن عمر الحافظ قال: أخبرنا جدي أبو عمر أحمد بن محمد الحرشي قال: حدثنا إسماعيل بن قتيبة قال: حدثنا أبو بكير قال: حدثنا خالد بن معروف، عن مقاتل بن حيان قال: نزلت في أبي مرثد الغنوى، استأذن النبي ﷺ في عناق أن يتزوجها، وهي امرأة مسكينة من قريش، وكانت ذات حظ من جمال وهي مشركة وأبو مرثد مسلم، فقال: يا نبي الله إنها لتعجبني، فأنزل الله عز وجل (وَلا تَنكِحوا المُشرِكاتِ حَتّى يُؤمِنَّ).
أخبرنا أبو عثمان قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمر قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عمر بن حماد قال: حدثنا أسباط عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس في هذه الآية قال: نزلت في عبد الله بن رواحه، وكانت له أمة سوداء وإنه غضب عليها فلطمها، ثم إنه فزع، فأتى النبي ﷺ فأخبره خبرها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما هي يا عبد الله؟ فقال: يا رسول الله هي تصوم وتصلي وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله، فقال: يا عبدالله هذه مؤمنة، قال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها، ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين فقالوا: نكح أمة، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فأنزل الله تعالى فيه (وَلأمَةٌ مُؤمِنَةٍ خَيرٌ مِن مُشرِكَةٍ)الآية.
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ بعث رجلاً من غنى يقال له مرثد بن أبي مرثد حليفاً لبني هاشم إلى مكة ليخرج ناساً من المسلمين بها أسراء، فلما قدمها سمعت به امرأة يقال لها عناق، وكانت خليلة له في الجاهلية، فلما أسلم أعرض عنها، فأتته فقالت: ويحك يا مرثد ألا نخلو، فقال لها: إن الإسلام قد حال بيني وبينك وحرمه علينا، ولكن إن شئت تزوجتك، إذا رجعت إلى رسول الله ﷺ استأذنته في ذلك ثم تزوجتك، إذا رجعت إلى رسول الله ﷺ استأذنته في ذلك ثم تزوجتك، فقالت له: أنت تتبرم، ثم استغاثت عليه فضربوه ضرباً شديداً، ثم خلوا سبيله، فلما قضى حاجته بمكة انصرف إلى رسول الله ﷺ راجعاً وأعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي في سببها، فقال: يا رسول الله أتحل أن أتزوجها؟ فأنزل الله ينهاه عن ذلك قوله (وَلا تَنكِحوا المُشرِكاتِ).


الصفحة التالية
Icon