حدثنا الأستاذ أبو الحسن الثعالبي، أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان، أخبرنا محمد بن جعفر الميطري قال: قال حماد بن الحسن: حدثنا محمد بن خالد بن عتمة، حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف قال: حدثني أبي عن أبيه قال: خطب رسول الله ﷺ على الخندق يوم الأحزاب، ثم قطع لكل عشرة أربعين ذراعاً. قال عمرو بن عوف: كنت أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار في أربعين ذراعاً، فحفرنا حتى إذا كنا تحت ذي ناب، أخرج الله من بطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان ارق إلى رسول الله ﷺ فأخبره خبر هذه الصخرة، فإما أن نعدل عنها، وإما أن يأمرنا فيها بأمره، فإنا لا نحب أن نجاوز خطه، قال: فرقى سلمان إلى رسول الله ﷺ وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق فكسرت حديدنا وشقته علينا حتى ما يحيك فيها قليل ولا كثير فمرنا فيها بأمر، فإنا لا نحب أن نجاوز خطك، قال: فهبط رسول الله ﷺ مع سلمان الخندق والتسعة على شفة الخندق فأخذ رسول الله ﷺ المعول من سلمان فضربها ضربة صدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، يعني المدينة حتى كأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، وكبر رسول الله ﷺ تكبير فتح، فكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله ﷺ فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى كأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، وكبر رسول الله ﷺ تكبير فتح وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله ﷺ فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى كأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، وكبر رسول الله ﷺ تكبير فتح وكبر المسلمون، وأخذ يد سلمان ورقى، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد رأيت شيئاً ما رأيت مثله قط، فالتفت رسول الله ﷺ إلى القوم فقال: رأيتم ما يقول سلمان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا، فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحفر، فقال المنافقون: ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل، ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق، ولا تستطيعون أن تبرزوا؟ قال: فنزل القرآن (وَإِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَّرَضٌ مّا وَعَدَنا اللهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورا) وأنزل الله تعالى في هذه القصة قوله (قُلِ اَللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ) الآية.
قوله (لا يَتَّخِذِ المُؤمِنونَ الكافِرينَ أَولِياءَ مِن دونِ المُؤمِنينَ) قال ابن عباس: كان الحجاج بن عمرو وكهمس بن أبي الحقيق وقيس بن زيد وهؤلاء كانوا من اليهود يباطنون نفراً من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء اليهود واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الكلبي: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه، كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ونهى المؤمنين عن مثل فعلهم.


الصفحة التالية
Icon