قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا أَطيعوا اللهَ وَأَطيعوا الرَسولَ وَأُولي الأَمرِ مِنكُم) أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد العدل قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي زكريا الحافظ قال: أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال حدثنا الحجاج بن محمد عن ابن جريج قال: أخبرني يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى (أَطيعوا اللهَ وَأَطيعوا الرَسولَ وَأُولي الأَمرِ مِنكُم) قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بعثه رسول الله ﷺ في سرية. رواه البخاري عن صدقة بن فضل، ورواه مسلم عن زهير بن حرب، كلاهما عن حجاج، وقال ابن عباس في رواية بأذان، بعث رسول الله ﷺ خالد بن الوليد في سرية إلى حي من أحياء العرب، وكان معه عمار بن ياسر، فسار خالد حتى إذا دنا من القوم عرض لكي يصبحهم، فأتاهم النذير، فهربوا عن رجل قد كان أسلم، فأمر أهله أن يتأهبوا للمسير، ثم انطلق حتى أتى عسكر خالد ودخل على عمار فقال: يا أبا اليقظان إني منكم، وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا، وأقمت لإسلامي، أفنافعي ذلك، أو أهرب كما هرب قومي، فقال: أقم فإن ذلك نافعك، وانصرف الرجل إلى أهله، وأمرهم بالمقام وأصبح خالد فغار على القوم، فلم يجد غير ذلك الرجل، فأخذه وأخذ ماله، فأتاه عمار فقال: خل سبيل الرجل فإنه مسلم، وقد كنت أمنته وأمرته بالمقام، فقال خالد: أنت تجير علي وأنا الأمير؟ فقال: نعم أنا أجير عليكم وأنت الأمير، فكان في ذلك بينهما كلام، فانصرفوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه خبر الرجل، فأمنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير بعد ذلك على أمير بغير إذنه. قال: واستب عمار وخالد بين يدي رسول الله ﷺ فأغلظ عمار لخالد، فغضب خالد وقال: يا رسول الله أتدع هذا العبد يشتمني، فوالله لولا أنت ما شتمني، وكان عمار مولى لهاشم بن المغيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد كف عن عمار فإنه من يسب عماراً يسبه الله، ومن يبغض عماراً يبغضه الله، فقام عمار فتبعه خالد فأخذ بثوبه، وسأله أن يرضى عنه، فرضي عنه، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأمر بطاعة أولي الأمر.
قوله تعالى (أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ أَنَّهُم آَمَنوا بِما أُنزِلَ إِليكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ يُريدونَ أَن يَتَحاكَموا إِلى الطّاغوتِ) الآية. أخبرنا سعيد بن محمد العدل قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: أخبرنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا صفوان بن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان أبو بردة الأسلمي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه، فتنافر إليه أناس من أسلم فأنزل الله تعالى (أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ) إلى قوله (رَفيقاً).
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: حدثنا أبو صالح بن شعيب بن محمد قال: حدثنا أبو حامد التميمي قال: حدثنا أبو الأزهر قال: حدثنا رويم قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في رجل من الأنصار يقال له قيس، وفي رجل من اليهود في مماراة كانت بينهما في حق تدارءا فيه، فتنافرا إلى كاهن بالمدينة ليحكم بينهما، وتركا نبي الله صلى الله عليه وسلم، فعاب الله تعالى ذلك عليهما، وكان اليهودي يدعوه إلى نبي الله، وقد علم أنه لن يجور عليه، وجعل الأنصاري يأبى عليه وهو يزعم أنه مسلم ويدعوه إلى الكاهن، فأنزل الله تعالى ما تسمعون، وعاب على الذي يزعم أنه مسلم، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب، فقال (أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ أَنَّهُم آَمَنوا بِما أُنزِلَ إِليكَ) إلى قوله (يَصُدونَ عَنكَ صُدوداً).