وأخرج البخاري أيضا عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ قال :"كان رسول الله ﷺ إذا نزل جبريل عليه بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، وكان يُعْرفُ منه فأنزل الله الآية التي في ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ :﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ قال : علينا أن نَجْمعَهُ في صدرك وقرآنه ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ فإذا أنزلناه فاستمع ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ علينا أن نبينه بلسانك. قال : فكان إذا أتاه جبريل أَطْرَقَ، فإذا ذهب قَرَأَهُ كما وعده الله" (١).
إذن تدل هذه الآيات على تكفل الله المطلق لهذا القرآن : وحيا، وحفظا، وجمعا، وبيانا، وأن على الرسول ﷺ التلقي والاتباع ثم البلاغ، فكان كلما نزلت عليه آية أو آيات جمعها الله له في صدره، فوعاها قلبه، واشتغل بها لسانه لنفسه وللمسلمين.
_________
(١) الأثر أخرجه البخاري في كتاب التفسير، تفسير سورة القيامة، باب (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه). صحيح البخاري ج٦ - ص٧٦، ٧٧.