المطلب الخامس : السبب في عدم جمع القرآن الكريم في مصحف واحد في عهده صلى الله عليه وسلم:
لم يجمع القرآن الكريم في عهده ﷺ على هيئة مصحف لأسباب منها :
١. ما كان يترقبه النبي ﷺ من تتابع نزول الوحي حيث كانت تنزل بعض آيات سورة من السور، وتنقطع بنزول آيات سورة أخرى - قبل تلك السورة أو بعدها - ثم يستأنف الوحي آيات السورة الأولى.. وهكذا حتى كمل التنزيل. ولاشك والحالة هذه استحالة جمع القرآن الكريم مباشرة عند نزوله في مصحف واحد، إذ يلزم ذلك تغييرا مستمرا في الأدوات التي كتب عليها (١) يقول الزركشي :"وإنما لم يكتب في عهد النبي ﷺ مصحف، لئلا يفضي إلى تغييره كل وقت، فلهذا تأخرت كتابته إلى أن كمل نزول القرآن بموته صلى الله عليه وسلم". (٢)
٢. أن ترتيب آيات القرآن الكريم وسوره لم يكن على حسب النزول، بل على حسب ما هو في اللوح المحفوظ الذي بُلِّغه النبي ﷺ عن طريق جبريل عليه السلام.
فلو كتب القرآن مرتبا حسب نزوله لخالف ترتيبه في اللوح المحفوظ، ولوقع اضطراب في كثير من آياته وتداخلت آيات سورة بآيات أخرى بما يتنافى وإعجازه. (٣)
_________
(١) انظر موجز علوم القرآن ١٥٩
(٢) البرهان في علوم القرآن ج١ - ص٢٦٢
(٣) انظر جمع القرآن بين الحقائق الثابتة والشبهات الهابطة ص٤٣.