ابن شَقِيقٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عن مقاتل ابن حَيَّانَ. قَوْلُهُ:
الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ، قَدِمُوهَا وَهُمْ بِجَهْدٍ، إلا قليل مِنْهُمْ، وَالْمَدِينَةُ غَالِيَةُ السِّعْرِ، شَدِيدَةُ الْجَهْدِ، الْخَيْرُ بِهَا قَلِيلٌ. وَفِي السُّوقِ زَوَانٍ مُتَعَالِمَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِمَاءِ الأَنْصَارِ مِنْهُنَّ أُمَيَّةُ وَلِيدَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَمُسَيْكِيَةُ بِنْتُ أُمَيَّةَ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ. فِي بَغَايَا مِنْ وَلائِدِ الأَنْصَارِ، وَقَدْ رَفَعَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى بَابِهَا عَلامَةً كَعَلامَةِ الْبَيْطَارِ لِيُعْرَفَ أَنَّهَا زَانِيَةٌ مُؤَجَّرَةٌ، وَكُنَّ مِنْ أَخْصَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَكْثَرِهِ خَيْرًا، فَرَغِبَ أُنَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَكْتَسِبْنَ، لِلَّذِي هُمْ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ، فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، لَوْ تَزَوَّجْنَا بَعْضَ هَؤُلاءِ الزواني، فنصيب من فضول أطعماتهن، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَسْتَأْمِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الْجَهْدُ، وَلا نَجْدُ مَا نَأْكُلُ، وَفِي السُّوقِ بَغَايَا نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَوَلائِدُهُنَّ وَوَلائِدُ الأَنْصَارِ، يَكْتَسِبْنَ لأَنْفُسِهِنَّ، فَيَصْلُحُ لَنَا أَنْ نَتَزَوَّجَ مِنْهُنَّ، فَنُصِيبَ مِنْ فُضُولِ مَا يَكْتَسِبْنَ، فَإِذَا وَجَدْنَا عَنْهُ غِنًى تَرَكْنَاهُنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ يَتَزَوَّجُوا الزَّوَانِيَ الْمُسَافِحَاتِ الْمُعَالِنَاتِ زِنَاهُنَّ، فَقَالَ: الزَّانِي مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لَا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً مِنْ بَغَايَا وَلائِدِ الأَنْصَارِ، أَوْ زَانِيَةً مَجْلُودَةً فِي الزِّنَا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، أَوْ مُشْرِكَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً، مِنْ بَغَايَا وَلائِدِ الأَنْصَارِ «١».
١٤١٢٩ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً الْآيَةَ قَالَ: كَانَتْ بُيُوتٌ تُسَمَّى الْمَوَاخِيرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانُوا يُؤَاجِرُونَ فِيهَا فَتَيَاتِهِمْ، وَكَانَتْ بُيُوتٌ مَعْلُومَةَ الزِّنَا، لَا يُدَلُّ عَلَيْهِنَّ وَلا يَأْتِيهِنَّ إِلا زَانٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، أَوْ مُشْرِكٌ مِنْ أَهْلِ الأَوْثَانِ، فَحَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ «٢».
١٤١٣٠ - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا قَيْسٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ

(١). الدر ٥/ ١٩.
(٢). الطبري ١٨/ ٥٧.


الصفحة التالية
Icon