و منه قوله :﴿ و الراسخون في العلم ﴾، إلا أن المتبادر في هذه الآية هو الصواب كما قدمنا، بخلاف قوله :﴿ عوجا - قيما ﴾.
الثاني : المتشابه من جهة اللفظ و المعنى جميعا، و ذكر له خمسة أضرب أيضا :
من جهة الكمية، كالعموم والخصوص، نحو: ﴿ فاقتلوا المشركين ﴾
من جهة الكيفية، كالوجوب و التحريم في قوله :﴿ اعملوا ما شئتم ﴾.
من جهة الزمان، كالناسخ و المنسوخ.
من جهة المكان و الأمور التي نزلت فيها الآيات، نحو :﴿ وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ﴾، و قوله ﴿ إنما النسيء زيادة في الكفر ﴾.
قال : فإن من لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه معرفة تفسير هذه الآية.
من جهة الشروط التي يصح بها الفعل أو يفسد، كشروط الصلاة و النكاح.
الثالث : ما ذكره بقوله :" و المتشابه من جهة المعنى كأوصاف الله تعالى، و أوصاف يوم القيامة، فإن تلك الصفات لا تتصور لنا، إذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه أو لم يكن من جنس ما تحسه".
أقول : و أنت – إذا كنت قد تدبرت ما تقدم – تعلم أن النوعين الأولين لا يصح تفسير المتشابه في الآية بها، فإن الأب و القرء و سائر ما ذكر في النوعين الأوليين ليست مما يتبع ابتغاء، الفتنة، و لا مما يتبعه الزائغون ابتغاء تأويله، و لا غير ذلك مما تقدم، بل في ذلك ما يخفى على الراسخ و لا يخفى على الزائغ، و فيه ما يخطئ فيه الراسخ و يصيب الزائغ، و لم يزل العامة يسألون عما يشبه ذلك و لم يتفهمهم أحد بالزيغ.
(١/٣٦)