الأدناس وأهل الخاصة من الله جل وعز الذين أشعروا فهمه قلوبهم وتدبروا آياته عند تلاوته بألبابهم فتزودوا لبعد سفرهم إلى معادهم وفهموا منه شدة إجهادهم يوم القيامة ففزعوا وذكروا به السؤال من الله عز وجل فاستعدوا للجواب عما عملوا فتابوا إلى الله جل وعز عن كل ذنب وتطهروا له من كل دنس وأخلصوا له النيات في أعمالهم ليجيبوه عما سلف من ذنوبهم بالتوبة وعن إرادتهم في طاعته بصدق النية فاستعدوا بالقرآن للعرض والسؤال منقادين له بذلتهم وخاشعين له باستكانتهم لأنهم وقروه لإجلال المتكلم به غير مغيبين عن تلاوته لطلب حقائق معانيه ولا مستهينين بحرماته فانتعشوا به من كل صرعة وجبر الله لهم به من كل مصيبة
فما زال ذلك دأب العاقلين عن ربهم عزل وجل لأنه ربيع قلوب الموقنين وراحة الراجين ومستراح المحزونين لا ينقص نوره لدوام تلاوته ولا يدرك غور فهمه ولا يبلغ له غاية نهاية تاليه أبدا لأنه كلام الله جل ثناؤه الذي تعلق
المتقون بعروته والملجأ الذي أوى الراهبون إلى كنف رحمته
قلت كيف لي بفهم ما قال الله جل وعز في كتابه لعلي أدرك منازلهم أو أقارب مقامهم
قال بأن يعظم عندك قدر ما تنال بفهمه من النجاة وما في الإعراض عن فهمه من الهلكة لأن الله جل وعز أنزل في كتابه كلامه مع الروح الأمين إلى محمد المصطفى برسالته والمنتخب لإنذار عباده ﷺ فوصف تعالى نفسه بأحسن الصفات ودل خلقه ونبههم فيه لمعرفته بما وضع في سماواته وأرضه من آثار صنعته ونفاذ قدرته وذكرهم فيه أياديه عندهم وكثرة نعمه وتعهده إياهم من ابتداء خلقهم وحسن تقديرهم وإجراء أرزاقهم ودفاع البلايا عنهم والآفات المهلكة لهم وحسن ستره عليهم وإقالتهم والعفو عما ٨٦ استوجبوا من تعجيل العقوبات ونزول النقم بهم