ولأنه تفرد بعلم الغيب سبحانه فإنه لا يعرف صفاته ومراضيه ومساخطه إلا هو لذا فقد أرسل الرسل فكلمهم تكليما لا بأداة أو آلة بل بذاته فخاطبوا العقل البشري بأمر الله لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ففضل العقل في أنه الأداة التي تتلقى عن الرسل شرع الله وهذه هي وظيفة العقل أن يعقل الشرع لا أن يشرع ويبتدع من عنده فلم يكن ممكنا أن نعبد الله حق العبادة بغير رسالة وباسم العقل لأن العقل متلق وليس صانعا
القسم الأول
لما كان القرآن بهذه المثابة من الأهمية إذ أنه المهيمن على العقل فلا بد من تعريف به وبحامله وهو ما فعله المحاسبي في هذا الفصل وقد قسمه إلى عدة فقرات
أ فضائل القرآن
فقد أمرهم بالمكارم ونهاهم عن الآثام والمحارم ووعدهم فيه جزيل الثواب وضرب لهم فيه الأمثال وفصل لهم فيه المعاني الدالة على سبيل النجاة وأبان فيه المشكلات وأوضح لهم فيه الشواهد فهو بركة لقوله
تعالى كتاب أنزلناه إليك مبارك ليعلموا بذلك أنه يدلهم على النجاة وينالون باتباعه الزلفى والكرامة وهو أحسن الحديث تصديقا لقوله تعالى الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم فأخبرهم أنه لا حديث يشبهه في حسنه وأخبر أنه متشابه غير مختلف فيه وسماه بأحسن الأسماء فقال كتاب عزيز
وقال أن ما قبله من الكتب مصدق له وشاهد وأخبر أنه محفوظ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو نور الليل المظلم وضياء النهار ويجب العمل به على ما كان من جهد وفاقة
ب فضائل القراء
أما الذين يتلون القرآن ويتدبرونه فهم أولياء الله الذين نعتهم بقوله تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله عز وجل وقد ضمن الله لهؤلاء أن من اتبع منهم ما في كتابه من الهدى الإجارة من الضلالة في الدنيا والسعادة في الآخرة والنجاة من الشقاء قال الله عز وجل فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى


الصفحة التالية
Icon