ثم روى أحاديث كثيرة في فضل حاملي القرآن وقراءته فلو ذاب أهل السموات والأرض حين يسمعون كلام الله عز وجل أو ماتوا خمودا أجمعون لكان ذلك حق لهم ولما كان ذلك كثيرا إذ تكلم الله عز وجل به تكليما من نفسه من فوق عرشه من فوق سبع سمواته وإذا كان كلام العالم أولى بالاستماع من كلام الجاهل وكلام الوالدة الرؤوم أحق بالاستماع من كلام غيرها والله أعلم العلماء وأرحم الرحماء فكلامه أولى كلام بالاستماع والتدبر والفهم فإذا اجتمع هم القراء وحضر زكت أذهانهم وإذا زكت قويت على طلب الفهم واستبانت اليقين وصفت للذكر
القسم الثاني
في فقه القرآن
ينبغي لتالي القرآن أن يعرف ناسخه ومنسوخه محكمه ومتشابهه وعامه وخاصه ومقدمه ومؤخره وموصوله ومفصوله وغريبه وما لا يعرف معناه إلا باللغة أو بالسنة أو بالإجماع قال ابن عباس أنزل القرآن على أربعة أوجه حلال وحرام ولا يسع جهله وتفسير يعلمه العلماء وعربية تعرفها العرب وتأويل لا يعلمه إلا الله
القسم الثالث
ما يجوز فيه النسخ وما لا يجوز فيه ذلك
بعد أن ذكر أن في القرآن ناسخا ومنسوخا ورأى أن على قارئ القرآن المتدبر له معرفة ذلك قال إن في القرآن معنيين لا يجوز فيهما النسخ ومن دان بأنه يجوز فيهما النسخ فقد كفر
١ - صفات الله وأسماؤه
فلا يحل لأحد أن يعتقد أن مدح الله جل شأنه ولا صفاته ولا أسماؤه يجوز أن ينسخ جل وعز وصف نفسه بصفاته الكاملة فمن أجاز النسخ فيها أجاز أن يبدل أسماءه الحسنى فيبدلها قبيحة وصفاته العليا فتكون دنية ناقصة سفلى ومدحه الظاهر فتكون مذمومة دنية جل وتعالى عن ذلك علوا كبيرا
٢ - وأخباره تعالى عما كان ويكون
لأنه بذلك يكون منصرفا من الصدق إلى الكذب ومن الحق إلى الهزل
واللعب وإنما ينسخ أخباره الكذاب أو المخبر بالظن والمحاسبي ينطلق من المقدمة السابقة ليهاجم طوائف من الشيعة والمعتزلة والحشوية