قلت قد علمت أن في فهمه النجاة وفي الإغفال عنه الهلكة فلو ذاب أهل السموات وأهل الأرض حين يسمعون كلام الله عز وجل أو ماتوا خمودا أجمعون لكان ذلك حق لهم ولما كان ذلك كثيرا إذ تكلم الله عز وجل به تكليما من نفسه من فوق عرشه من فوق سبع سمواته فإذا عظم في صدرك تعظيم المتكلم به لم يكن عندك شيء أرفع ولا أشرف ولا أنفع ولا ألذ ولا أحلى من استماع كلام الله جل وعز وفهم معاني قوله تعظيما وحبا له وإجلالا إذ كان تعالى قائله فحب القول على قدر حب قائله
وكذلك نجده في فطرنا فيما بيننا وبين الخلق
نحب قول الأخ والقرابة والعالم والشريف على قدر محبتنا له ونجل قوله ونعظم ونردد ذكره ونتفهم معانيه على قدر حبنا له وإجلالنا له
فكلام العالم عندنا أحلى وألذ وأرفع وأجل من كلام الجاهل وكلام الشريف من كلام الوضيع وكلام من أحسن إلينا لا كمن لا إحسان له إلينا وكلام الناصح المتحنن أحسن من كلام من لا ينصحنا ولا يتحنن علينا حتى إن كلام الوالدة نجد له من اللذة والحلاوة ما لا نجد من كلام غيرها لمعرفتنا برحمتها ونصحها وتحننها علينا
فلا أحد أعظم من الله عز وجل عندنا قدرا ولا أشرف بل لا شرف ولا قدر لمن لم يجعل الله عز وجل له الشرف والقدر ولا أحد أعلم من الله جل وعز ٩١ ولا أحد أقرب لنا ولا أرحم ولا أعظم تحننا من الله تعالى بل لم يرحمنا راحم ولم ينصحنا ناصح ولم يتحنن علينا متحنن إلا بما استودع لنا في قلبه وسخره لنا بالرحمة والنصح
ألم تسمع قول عبد الله من أراد أن يعلم أنه يحب الله عز وجل فلينظر هل يحب القرآن
وحدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق
عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال من سره أن يعلم أنه يحب الله ورسوله فلينظر فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله