قال بأن لا تشغل جوارحك بما لا يشتغل به عقلك وأن تستعمل كل جارحة بما يعينك على الفهم كنظرك في مصحف واستماعك إلى تلاوتك أو تلاوة غيرك وتمنع عقلك من فكر وذكر يقوى طلب فهم كلام مولاك لأنك إذا لم تشغل جوارحك بشيء غير ذلك ومنع عقلك عن النظر والفكر في غير ذلك اجتمع همك وحضر وإذا حضر عقلك زكا ذهنك وإذا زكا ذهنك قويت على طلب الفهم واستبان فيه اليقين وصفا فيه الذكر وقوي فيه الفكر وبذلك مدح المستمعين لتلاوة كتابه بالفهم فقال عز وجل فلما حضروه قالوا أنصتوا أي قالوا صه أفلا نسمع الله عز وجل مدحهم بأن سكتوا عن الكلام لئلا يشتغلوا عن
فهم ما يتلو نبيه عليه السلام عليهم وهذا ولم يعلموا ما فيه وما هو فلما قضى وفهموا عن الله عز وجل ما تلا عليهم نبيه عليه السلام ولوا إلى قومهم منذرين تحدثوا وفهموا من الله عز وجل ما سمعوا فقالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم وينجيكم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء وقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به الآيات
لقد نطقوا بالحكم عن فهم بين وعن عقول ذكية في استماع آيات في مقام واحد فدعوا إلى إجابة الله عز وجل وأملوا المغفرة والنجاة من العذاب الأليم وأخبروا أنه من أعرض عما تلا نبيه من كلام ربه عز وجل لا يعرف الله وأن مصيره إليه
هذا الأدب والفهم من استماع آيات في مقام واحد في أقل من ساعة فكيف بمن وعى القرآن كله من صغره ويكرر