له فسجدت الملائكة كلها إلا إبليس ولا أخباره عما مضى من الرسل وعما كان في الدهور الخالية مما أخبر أنه كان فنجد أن ذلك لم يكن وكذلك ما أخبر عز وجل أنه سيقيم القيامة وأنه يبعث من في القبور وأنه يصير فريقا في الجنة وفريقا في السعير ولا ما يقول أهل الجنة وأهل النار وأنه يخلد أهل الجنة فيها ويخلد المشركين في العذاب الأليم فيخبر خلاف ذلك كله لأن ذلك يوجب بالخبر الثاني لزوم الكذب في الأول ولزوم البراءة وأنه أراد أن يفعل فاستبدل فأراد أن لا يفعل رجوعا عن قوله والرجوع عن القول الكذب والبداء من الجهل بالعواقب
ومن ذلك حدوث الإرادات في ذاته بالذوات وذو البداوات جاهل بما يكون فيما يستقبل
ولا جائز أن يخبر بأمر كان ثم يخبر أنه لم يكن أو يخبر بأمر لا يكون ثم يخبر أنه سيكون أو يخبر
أنه لا يفعل ثم يخبر أنه سيفعل أو يخبر عن شيء أنه لا يفعله ثم يخبر أنه يفعله كما قال عن النبي ﷺ أنه خاتم النبيين فأخبر أنه آخر من يبعث ثم يخبر أنه يبعث بعده نبيا أو يبعث نبيا بعدما أخبر أنه آخر من يبعث من النبيين
وكما قال للأعراب قل لن تخرجوا معي أبدا فلما قالوا بعد خبره هذا ذرونا نتبعكم قال الله جل وعز يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله تعالى من قبل وقال لا مبدل لكلماته جل عن الجهل والبداوات
وكذلك لا يجوز إذا أخبر أن صفاته حسنة عليا أن يخبر بعد ذلك أنها دنية سفلى أو يصف نفسه بأنه جاهل ببعض الغيب بعدما أخبر أنه عالم الغيب
وأنه لا يبصر ما قد كان ولا يسمع الأصوات وأنه لا قوة له ولا قدرة على الأشياء ولم يتكلم بشيء ولا الكلام كان منه ولا له الخلق والأمر وأنه تحت الأرض لا على العرش جل عن ذلك وتعالى علوا كبيرا