وكذلك قوله جل وعز لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وقوله وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها وقوله إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون
ليس ذلك ببدء منه لحدوث إرادة حدثت له ولا أن يستأنف مشيئة لم تكن له وذلك فعل الجاهل بالعواقب الذي يريد الشيء وهو لا يعلم العواقب
البداوات وحدوث الإرادات
فلم يزل تعالى يريد ما يعلم أنه يكون لم يستحدث إرادة لم تكن لأن الإرادات إنما تحدث على قدر ما لم يعلم المريد فأما من لم يزل يعلم ما يكون وما لا يكون من خير وشر فقد أراد على علم لا يحدث له بداء إذ كان لا يحدث فيه علم به
وقد تأول بعض من يدعي السنة وبعض أهل البدع ذلك على الحدوث
فأما من ادعى السنة ١٠٠ فأراد إثبات القدر فقال إرادة الله جل وعز أحدث من تقديره تقديره سابق الإرادة
وأما بعض أهل البدع فزعموا أن الإرادة إنما هي خلق حادث وليست بمخلوقة ولكن الله جل وعز بها كون المخلوق فزعمت أن الخلق غير المخلوق وأن الخلق هو الإرادة وأنها ليست بصفة الله من نفسه وجل الله أن يكون شيء حدث لغير إرادة منه وجل عن البداءات وتقلب الإرادات
فأما قوله لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله فإنه وعدهم الدخول على علم أنهم يدخلون
وأما قوله إذا أردناه أن نقول له كن فيكون
وقوله وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها
فإنه لم يزل يريد قبل أن يحدث الشيء أن يحدثه في وقت إحداثه فلم يزل يريد إحداثه في الوقت المؤخر فإذا جاء الوقت فهو أيضا يريد أن يحدثه فيه فبإرادته أحدثه في ذلك الوقت الذي فيه أحدثه


الصفحة التالية
Icon