فإرادة الله جل وعز دائمة لأنه مريد قبل الوقت الذي يحدث فيه المخلوقات وفي الوقت الذي أحدثه فيه فأراد بقوله جل وعز إذا أردناه إذا جاء الوقت الذي فيه وهو له قبل الوقت مريد فأوقع إذا على الإرادة وإنما أراد الوقت وهو مريد له أيضا في الوقت والعرب تفعل هذا في مخاطباتها يقول الرجل لآخر متى تريد أن آتيك فيقول غدا فيسأله في ظاهر المسألة عن وقت إرادته وإنما يريد الوقت الذي فيه المجيء ويجيبه بالوقت الذي يجيء فيه ولو أجابه على ظاهر مسألته إذا قال متى تريد أجيئك لقال الساعة أريد أن تجيئني غدا فأجابه عن وقت المجيء وإنما سأله في الظاهر عن وقت الإرادة وهو يريد وقت المجيء فأجابه عن معنى السؤال ولم يجبه عن ظاهر المسألة
وكذلك إذا أراد الله جل وعز وقت كون الشيء وأنزل ظاهر القول على الإرادة فقال جل من قائل وإذا أردنا أن نهلك قرية يعني الوقت الذي أردنا من قبل إذا جاء الوقت أهلكناها فيه فإنما أراد بقوله إذا أردنا إذا كان الوقت الذي أردنا أن نهلكهم فيه لا على البدء منه بإرادة أخرى وأراد تكوين الشيء إلى وقت معلوم لم يزل يريد أن يكونه فيه فلم يزل مريدا الهلاك للقرى في الأوقات التي يهلكها فيها فإذا أهلكها فبإرادة متقدمة منه بهلاكها في تلك الأوقات التي أخر هلاكها إليها وبإرادة لم تزل أخر هلاك القرى إلى الوقت الذي لم يزل يريد أن يهلكها فيه
السمع والبصر
وكذلك قوله عز وجل إنا معكم مستمعون ليس معناه إحداث سمع ولا تكلف لسمع ما يكون من المتكلم في وقت كلامه وإنما معنى إنا معكم مستمعون وسيرى الله عملكم أي المسموع والمبصر لن يخفى
على سمعي ولا على بصري أن أدركه سمعا وبصرا لا بالحوادث في الله جل وعز وتعالى عن ذلك وكذلك قوله اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله لا يستحدث بصرا ولا لحظا محدثا في ذاته تعالى عن ذلك


الصفحة التالية
Icon