وذكر آلهة لو كانوا لابتغوا إلى طلبه سبيلا حيث هو فقال قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا وقال سبح اسم ربك الأعلى فلن ينسخ ذلك أبدا فإذا تلوت ما يكون كأنه نسخ أو خلاف الظاهر فاعلم أن ذلك ليس بنسخ ولا بمضاد لهذا وذلك كقوله وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وقوله وهن أقرب إليه من حبل الوريد وقوله وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم الآية وقوله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم الآية فليس بناسخ ولا ذلك ناسخ لهذا ولا هذا ضد ذلك ولكن معنى ذلك غير معنى هذا
هذه الآية معناها أن الله جل وعز لم يرد الكون بذاته
في أسفل الأشياء وينتقل فيها لانتقالها وينهض فيها على أقدارها ويزول عنها عند فنائها جل مولانا وتعالى عن ذلك علوا كبيرا
وقد ادعى بعض أهل الضلال فزعموا أن الله جل وعز في كل مكان بنفسه كائنا كما هو على العرش لا فرق بين ذلك عندهم ثم أجابوا في النفي بعد تثبيت ما يجوز عليهم في قولهم ما نفوا لأن كل من أثبت شيئا في المعنى ثم نفاه بالقول لم يغن عنه نفيه بلسانه وقد تدين لما يلزمه في المعنى بما نفى كالنصارى زعمت أنهم يعبدون ثلاثة وأن ذلك ليس بشرك وأن معنى الثلاثة معنى واحد فلم يغن عنهم نفيهم الشرك بقولهم وقد دانوا به في المعنى وكذلك جميع أهل الضلال ينفون الكفر ويتبرؤون منه وهم كافرون
كذلك جميع أهل البدع ينفون البدع بقولهم ويتبرؤون
منها وقد خالفوا ما دانوا الله تبارك وتعالى بها وكذلك هؤلاء في نفيهم بعد تثبيتهم معنى ما نفوا فاحتجوا بهذه الآية أن الله عز وجل في كل شيء بنفسه كائنا ثم نفوا معنى ما ثبتوا فقالوا لا كالشيء في الشيء فأحالوا لأن ما كان في الأشياء فهو كالشيء وإن نفوه بألسنتهم


الصفحة التالية
Icon