قلت فبين لي معن ذلك كله قال أما معنى قوله تعالى يعلم وسيرى الله وإنا معكم مستمعون فإنما معناه حتى يكون الموجود فنعلمه موجودا ونسمعه مسموعا وتبصره مبصرا لا على استحداث علم ولا سمع ولا بصر وأما قوله إذا أردناه فمعناه إذا جاء وقت كون المراد فيه
وأما قوله على العرش استوى وهو القاهر فوق عباده وأأمنتم من في السماء وإذا لابتغوا إلى ذي العرش فهذه وغيرها مثل قوله إليه يصعد الكلم وقوله ثم يعرج إليه في يوم فهذا
مقطع يوجب أنه فوق العرش فوق الأشياء منزه عن الدخول في خلقه لا يخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أن ذاته بنفسه فوق عباده لأنه قال أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض يعني فوق العرش والعرش على السماء لأن من كان فوق شيء على السماء فهو في السماء وقد قال مثل ذلك فسيحوا في الأرض يعني على الأرض لا يريد الدخول ١٠٢ في جوفها وكذلك قوله لأصلبنكم في جذوع النخل يعني فوقها وقال أأمنتم من في السماء ثم فصل فقال أن يخسف بكم الأرض ولم يصله بمعنى فيشتبه ذلك فلم يكن لذلك معنى إذ فصل بقوله في السماء ثم استأنف التخويف بالخسف إلا أنه على العرش فوق السماء وقال يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم الآية وقال تعرج الملائكة والروح إليه
فبين عروج الأمر وعروج الملائكة ثم وصف صعودها بالارتفاع صاعدة إليه فقال إليه يصعد الكلم الطيب
وقال ثم يعرج إليه ثم قال في يوم كان مقداره مقدار صعودها وفصله من قوله إليه كقول القائل صعدت إلى فلان في يوم أو في ليلة وإن صعودك إليه في يوم فإذا صعدوا إلى العرش فقد صعدوا إلى الله جل وعز وإن كانوا لم يروه ولم يساووه في الارتفاع في علوه فإنهم قد صعدوا من الأرض وعرجوا بالأمر إلى العلو الذي لله عز وجل فوقه
وقال إليه يصعد الكلم الطيب
وكلام الملائكة أكثر وأطيب من كلام الآدميين فلم يقل ينزل إليه الكلم الطيب


الصفحة التالية
Icon